والثالث: أنه مصدر مؤكد، وفيه نظر، لأن المصدر «نزل» النزول لا النزل. وقيل: هو مصدر أنزل.
قوله:{من غفور رحيم} يجوز أن يكون تعلقه بمحذوف على أنه صفة «لنزلاً» في «لكم» من الاستقرار أي استقر لكم من جهة غفور رحيم، وأن يتعلق بما تعلق به الظرف في «لكم» من الاستقرار أي استقر لكم من جهة غفورٍ رحيمٍ.
قال اأبو البقاء: فيكون حالاً من ما. قال شهاب الدين: وهذا البناء منه ليس بواضح بل هو متعلق بالاستقرار فَضلةً كسائر الفضلات، وليس حالاً من «ما» .
قوله تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله ... } الآية قال ابن سيرين والسُّدِّيُّ: هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دعا إلى شهادة أن لا إله إلا الله وقال الحسن: هو المؤمن الذي أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه، وعمل صالحاً في إجابته وقال إنَّني من المسلمين. وقالت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها إن هذه الآية نزلت في المؤذِّنين. وقال عكرمة: هو المؤذن. وقال أبو أمامة الباهليّ: وعمل صالحاً: ركعتين بين الأذان والإقامة. وقال قيس بن أبي حازمٍ: هو الصلاة بين الأذان والإقامة.
قوله:{وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المسلمين} العامة على إنيي بنونين. وابن أبي عبلة وابن نوحٍ بنون واحدة. قوله تعالى:«ولا السيئَةُ» في «لا» هذه وجهان:
أحدهما: أنها زائدة للتوكيد، كقوله:{وَلَا الظل وَلَا الحرور}[فاطر: ٢١] وكقوله: {وَلَا المسياء}[غافر: ٥٨] ، لأن استوى لا يكتفي بواحد.
والثاني: أنها مؤسسة غير مؤكِّدة؛ إذ المراد بالحسنة والسيئة الجنس، أي لا تستوي الحسنات في أنفسنا فإنها متفاوته، ولا تستوي السيئات أيضاً، فربَّ واحدةٍ أعظم من أخرى، وهو مأخوذ من كلام الزمخشري، وقال أبو حيان:«إن أخذت الحسنة والسيئة جنساً لم يكن زيادتها كزيادتها في الوجه الذي قبل هذا» . قال شهاب الدين:«فقد جعلها في المعنى الثاني زائدة، وفيه نظر لما تقدم» .