أولها إلى آخرها كلاماً واحداً منتظماً منسوقاً نحو غرض واحد.
قوله:{والذين لَا يُؤْمِنُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون مبتدأ و «في آذانِهِم» خبره و «وَقْرٌ» فاعل، أو «في آذَانِهِم» خبر مقدم و «وقر» مبتدأ مؤخر، فالجملة خبر الأول.
الثاني: أن «وقراً» خبر مبتدأ مضمر، والجملة خبر الأول، والتقدير والذين لا يؤمنون هو وقر في آذانهم. لما أخبر عنه بأنه هدى لأولئك أخبر عنه أنه وقر في آذان هؤلاء وعمًى عليهم، قال معناه الزمخشري. ولا حاجة إلى الإضمار مع تمام الكلام بدونه.
الثالث: أن يكون «الذين لا يؤمنون» عطفاً على «الذين آمنوا» و «وَقْرٌ» عطف على «هُدى» . وهذا باب العطف على معمولي عاملين وفيه مذاهب تقدم تحريرها.
قوله:«عَمًى» العامة على فتح الميم المنونة، وهو مصدر لعَمِي يَعْمَى عَمًى، نحو: صَدِيَ يَصْدَى صَدًى وهَوِيَ يَهْوَى هَوًى. وقرأ ابن عباس، وابن عمر، وابن الزُّبير وجماعةٌ عم بسكرهنا منونة اسماً منقوصاً، وصف بذلك مجازاً. وقرأ عمرو بن دينار، ورُبيت عن ابن عباس:«عَمِيَ» بكسر الميم وفتح الياء فعلاً ماضياً. وفي الضمير وجهان:
أظهرهما: أنه القرآن.
والثاني: أنه للوقر، والمعنى يأباه و «في آذانهم» إن تجعله خبراً تعلق بمحذوف على أنه حال منه لأنه صفة في الأصل، ولا يتعلق به لأنه مصدر، فلا يتقدم معموله عليه وقوله:{وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} كذلك في قراءة العامة وأما في القراءتين المتقدمتين فيتعلق «على» بما بعده إذ ليس بمصدر. قال أبو عبيد: والأولى هي الوجه، لقوله:{هُدًى وَشِفَآءٌ} وكذلك «عمى» وهو مصدر مثلهما ولو كان المذكور أنه هادٍ وشافٍ لكان الكسر في «عَمِيَ» أجود، فيكون نعتاً لهما.
فصل
قال قتادة: عَمُوا عن القرآن وصمُّوا عنه، فلا ينتفعون به. {أولئك ينادون من مكان