للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الاستيلاء على كون هذا الدين حقاً. وقال عطاء وابن زيد: في الآفاق يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم، وآيات الليل والنهار، والأضواء، والظلال والظلمات والنبات والأشجار والأنهار، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة، وبديع الحمكة، في كيفية تكوين الأجنة في ظلمات الأرحام، وحدوث الأعضاء العجيبة، والتركيبات الغريبة، كقوله: {وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١] يعني نريهم هذه الدلائل {حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق} من عند الله يعني محمداً صلى لله عليه وسلم، وأنه مرسل من عند الله.

فإن قيل: هذا الوجه ضعيف، لأ، قوله تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا} يقتضي أنه تعالى ما أطلعهم على تلك الآيات إلى الآن وسيطلعهم عليها بعد ذلك، والآيات الموجودة في العالم الأعلى والأسفل قد أطلعهم علهيا قبل ذلك فيعتذر حمل اللفظ على هذا الوجه.

فالجواب: أن القوم وإن كانوا قد رأوا هذه الأشياء إلا أن العجائب (التي أَوْدَعَهَا الله تعالى في هذه الأشياء مما لا نهاية لها فهو تعالى يطعلهم على تلك العجائب زماناً فزماناً؛ لأن كل أحد رأى بنية الإنسان وشاهدها، إلا أن العجائب) إلى أبدعها الله تعالى في تركيب هذا البدن كثيرة وأكثر الناس لا يعرفونها، والذي وقف على شيء منها كلَّما أزداد وقوفاً على تلك العجائب ازْدَاد يقينا وتعظيماً، وكذلك التركيبات (الفلكية أيضاً) .

والأولى أن يقال: إن كان المراد بقوله: {حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق} وهو الرسول فقول مجاهد أولى وإن كان المراد به الدين والتوحيد فهذا أولى.

قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} فيه وجهان:

أحدهما: أن الباء مزيدة في الفاعل، وهذا هو الراجح، والمفعول محذوف، أي أَوَ لَمْ يكف ربُّك.

وفي قوله: {أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وجهان:

أحدهما: أنه بدل من «بربك» فيكون مرفوع المحل، مجرور اللفظ كمتبوعه.

والثاني: أن الأصل بأنه، تم حذف الجار فجرى الخلاف.

الثاني من الوجهين الأولين: أن يكون «بِرَبَّكَ» هو المفعول و «أنه» وما بعده هو

<<  <  ج: ص:  >  >>