معنى» يُبِقْهُنَّ «يُهْلِكْهُنَّ ويغرقهن» بِمَا كَسَبُوا «أي بما كسبت ركابها من الذنوب {وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ} من ذنوبهم فلا يعاقب عليها. يقال: أوْبَقَهُ أي أهلكه، كما يقال للمجرم: أوْبَقَتْهُ ذنوبه أي أهلكته.
فإن قيل: ما معنى إدخال العفو في حكم الإيباق حيث جعل مجزوماً مثله؟
فالجواب: معناه إن يشأ يهلك ناساً ينج ناساً على طريق العفو عنهم، وأما من قرأ» ويعفو «فقد استأنف الكلام؟ والعامة على الجزم عطفاً على جواب الشرط. واستشكله القشيريُّ، وقال: لأن المعنى إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكداً ويهلكها بذنوب أهلها، فلا يحسن عطف:» وَيَعْفُ «على هذا لأن المعنى يصير: إن يشأ يعف، وليس المعنى على ذلك، بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة فهو عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى. قال أبو حيان: وما قاله ليس يجيّد، إذ لم يفهم مدلول التركيب والمعنى إلا أنه تعالى إن يشأ أهلك ناساً وأنجى ناساً على طريق العفو عنهم. وقرأ الأعمش: ويعفو بالواو. وهي تحتمل أن تكومن كالمجزوم، وثبتت الواو في الجزم كثبوت الياء في» مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ «.
ويحتمل أن يكون الفعل مرفوعاً، أخبر الله تعالى أنه يعفو عن كثير من السَّيِّئات.
وقرأ بعض أهل المدينة بالنصب بإضمار «أنْ» بعد الواو كنصبه في قول النابعة: شعراً: