الثالث: قال الفارسي ونقله الزمخشري عن الزجاج إن النصب على إضمار» إنْ «؛ لأن قبلها جزاءً تقول: ما تصنع أصنع، وأكرمك وإن شئت: وأكرمك على: وأنا أكرمك، وإن شئت: وأكرمك جزماً.
قال الزمخشري: وفيه نظر؛ لما أورده سيبويه في كتابه قال: واعلم أنَّ النَّصب بالواو والفاء في قوله: إن تَأْتِنِي آتِكَ، وأُعطِيكَ ضعيفٌ، وهو نحو من قوله:
فهذا (لا) يجوز، لأنه ليس بحَدِّ الكلام ولا وجه، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلاً؛ لأنه ليس بواجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل، فلما ضارع الذي لا يوجبه كالا ستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه. قال الزمخشري: ولا يجوز أن تحصل القراءة المستفيضة على وجةٍ ليس بحدِّ الكلام ولا وجهه، ولو ك انت من هذا الباب لما أخلى سيبويه منها كتابه.
وقد ذكر نظائرها من الآيات المشكلة.
الرابع: أن ينتصب عطفاً على تعليل محذوف تقديره: لينتقم منهم ويعلم الذين ونحوه في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن ومنه: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ}[مريم: ٢١]{وَخَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى}[الجاثية: ٢٢] قاله الزمخشري. قال أبو حيان: ويبعد تقديره: لينتقم منهم لأنه مرتب على الشرط إهلاك قوم ونجاة قوم فلا يحسن «لينتقم منهم» وأما الآتيان فيمكن أن تكونت اللام متعلقةً بفعل محذوف تقديره «وَلِنجْعَلَهُ آيَةً فَعَلنَ ذلك، ولتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ فَعَلْنَا ذَلِكَ» وهو كثيراً (ما) يقدر هذا الفعل مع هذه اللام إذا لم يكن فعل يتعلق به. وقال شهاب الدين: بل يحسن تقدير: لينتقم؛ لأنه يعود في المعنى على إهلاك قوم المترتب على الشرط.