يُقيِّضَّ مبنياً للمفعول شَيْطَانٌ بالرفع قائم مقام الفاعل.
فصل
{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن} أي يُعْرِض عن القرآن، وقيل: يُعرض عن الله، فلم يخفْ عقابه ولم يرجُ ثَوَابَه، يقال: عَشَوْت إلى النار، أَعْشُو عَشْواً، إذا قصدتها مُبْتَدِياً، وعَشَوْتُ عَنْهَا إذا أعرضت عنها، كما يقال: عدلت إلى فُلَان، وعدلت عنه أي مِلْتُ إلَيْهِ، ومِلْتُ عَنْهُ.
قال القرطبي: تولية ظهره، كقوله:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}[البقرة: ١٨، ١٧١] وقال الخليل: أصل العَشْوِ النظر ببصرٍ ضعيف. وأما القراءة بالضم فمعناه: يَتَعَامَ عن ذكره أي يعرف أنه الحق ويتجاهل ويَتَعَامى، كقوله تعالى:{وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}[النمل: ١٤] .
{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} أي نضمه إليه، وتسلطه عليه {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} لا يفارقه، يزين له العَمَى ويخيل إليه أنه الهدى.
«وإنهم» يعني الشياطين {ليصدونهم عن السبيل} أي يمنعونهم عن الهدى. وذكر الشياطين والإنسان بلفظ الجمع، لأن قوله {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً} يفيد الجمع وإن كان اللفظ على الواحد.
قال أبو حيان: الظاهر أن ضَمِيري النصب في {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ} عائدان على «مَنْ» من حيث معناها راعى لفظها أولاً، فأفرد (في)«له» ثم راعى معناها فجمع في قوله: {وإنهم ليصدونهم} والضمير المرفوع على الشيطان لأن المراد به الجنس ولأن كل كافر معه قرين.
وقال ابن عطية: إن الضمير الأول للشياطين، والثاني للكفار والتقدير: وإن