القيلُ مَصْدَرٌ، كالقَوْلِ، ومنه الحديث:» أنه نَهَى عن قِيلَ وقَالَ «وحكى اللَّيْثُ عن العرب تقولُ: كَثُر فيه القِيلُ والقَالُ. وروى شَمِرٌ عن أب زيد ياقل: ما أحسْنَ قِيلُكَ، وقَوْلُكَ، ومَقَالتُكَ، ومَقَالُكَ. والضمير في» وَقِيلِهِ «لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمعنى يعلم قَوْلَ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شاكياً إلى ربه، يا ربِّ إن هؤلاء قومٌ لا يؤمنون لما عرف إصرارهم، وهذا قريب مما حكى الله عن نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ أنه قال:
{رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي واتبعوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَاّ خَسَاراً}[نوح: ٢١] ثم قال: «فَاصْفَحُ عَنْهُمْ» أي أعْرِضْ عنهم، «وَقُلْ سَلَامٌ» قال سيبويه: معناه المتاركة كقوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الجاهلين}[القصص: ٥٥] ثم قال: «فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» والمراد به التهديد.
قوله:«فَسَوْفَ يَعْلَمُون» قرأ نافعٌ وابن عامر بتاء الخطاب التفاتاً، والباقون بياء الغيبة نظراً لِمَا تَقَدَّم.
فصل
قال ابن عباس (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) قوله: {فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} منسوخ (بآية) السَّيْفِ.
قال ابن الخطيب: وعندي التزام النسخ في مثل هذه المواضع مشكل؛ لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة فسقطت دلالة اللفظ، فَأَيُّ حاجة إلى التزا النسخ، وأيضاَ فاللفظ المطلق قد يقيَّد بحسب العُرْف، وإذا كان كذلك، فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ.
والله أعلم بالصواب.
روى أبو أمامةَ عن أُبَيِّ بنِ كعب (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم) قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ قَرَأَ سُورة الزُّخْرُفِ كَانض مِمَّن كَانَ يُقَالُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ:» يَا عِبَادِي لَا خَوفٌ عَلَيْكُمْ اليَوْمَ ولا أَنَتُمْ تحزنونَ «ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِغَيْر حِسَابٍ»(انتهى) .