مسعود والأعمش أيضاً بفتحها وهي لغة ربيعة والحسن وعكرمة. وعبد الله أيضاً بضمها، وهي لغة محكيَّة وتقدم الكلام في ذلك في أول سورة البقرة، وأنه قرىء هناك بالعَيْن المُهْملة.
قوله:{فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله} أي من بعد إضلال الله إياه. وقال الواحدي: ليس يبقى لِلْقدرية مع هذه الآية عذر ولا حيلة؛ لأن الله تعالى صرح منعه إياهم عن الهدى بعد أن أخبر أنه ختم على سمع هذا الكافر وقلبه وبصره. ثم قال:{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} قرأ العامة بالتشديد، والجَحْدريّ بتخفيفها والأعمش تتذكرون بتاءين.
قوله:{مَا هِيَ إِلَاّ حَيَاتُنَا الدنيا} تقدم نظيره. وقرأ زيد بن على نُحْيَا بضم النون.
فإن قيل: الحياة متقدمة على الموت في الدنيا فمنكر القيامة كان يجب أن يقول: نحيا ونموت، فما السبب في تقديم ذكر الموت على الحياة؟
فالجواب: من وجوه:
الأول: المراد بقوله: «نموت» حال كونهم نُطَفاً في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات وبقوله: «نحيا» ما حصل بعد ذلك في الدنيا.
الثاني: نموت نحن ونحيا بسبب بقاء أولادنا.
الثالث: قال الزّجاج: الواو للاجتماع والمعنى: يموت بعضٌ ويحيا بعضٌ.
الرابع: قال ابن الخطيب: إنَّه تعالى قدم ذكر الحياة فقال: {مَا هِيَ إِلَاّ حَيَاتُنَا الدنيا} ثم قال بعده: {نَمُوتُ وَنَحْيَا} يعن أن تلك الحياة منها ما يطرأ عليها الموت وذلك في حق الذين ماتوا ومنها ما لم يطرأ عليه الموت بعد، وذلك في حق الأحياء الذين لم يموتوا بعد.
قوله:{وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَاّ الدهر} أي وما يُفنينا إلا مرُّ الزمان، وطول العمر، واختلافُ الليل والنهار {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ} الذي قالوه {مِنْ عِلْمٍ} أي لم يقولوه عن علم عَلِموه {إِنْ هُمْ إِلَاّ يَظُنُّونَ} .
روى أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «قال الله تعالى:» لَا يَقُل ابْنُ آدَمَ يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا أُرْسِلُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ فَإِذَا شِئْتُ