والمبطل؟ وقيل:«فمن أضل» . قال ابن الخطيب: ججواب الشرط محذوف، والتقدير أن يقال: إن كان هذا الكتاب من عند الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ به وشَهِدَ شاهدٌ مِنْ بَنِي ِإسْرَائِيلَ على صحته ثم استكبرتم لكنتم من الخاسرين.
ثم حذف هذا الجواب. ونظيره قوله:«إنْ أَحْسَنْتَ إلَيْكَ وأَسَأتَ إلَيَّ وأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ وأَعرضْتَ عني فَقَدْ ظَلَمْتَنِي» وكذا ههنا التقدير أخبروني إن ثبت أن القرآن من عند الله بسبب عجز الخلق عن معارضته ثم كفرتم به وجعل أيضاً شاهده أعلم بني إسرائيل بكونه معجزاً من عند الله فلو استكبرتم وكفرتم ألسم أضل الناس وأظلمهم؟ واعلم أن جواب الشرط محذوف في بعض الآيات كما في هذه الآية وكما في قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجبال أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض أَوْ كُلِّمَ بِهِ الموتى}[الرعد: ١٣] وقد يذكر كما في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ}[فصلت: ٥٢] وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله}[القصص: ٧١] .
فصل
معنى الآية أخبروني ماذا تقولون «إنِْ كَانَ» يعني القرآن {مِنْ عِندِ الله وَكَفَرْتُمْ بِهِ} أيها المشركون {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ على مِثْلِهِ} . المثل صلة بعين عَلَيْهِ أي على أنه من عند الله فَآمَنَ يعني الشاهد «وَاسْتَكْبَرتُمْ» عن الإيمان به. واختلفوا في هذا الشاهد فقال قتادة والضحاك وأكثر المفسرين: هو عبد الله بن سلام شهد نبوة المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فآمن به، واستكبر اليهود، فلم يؤمنوا كما روى أنس (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) قال: «سمع عبد الله بن سَلَام بِمَقْدِم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأتاه وهو يخترف في أرض، فنظر إلى وجهه، فعلم أنه ليس وجه كَذَّاب، وتأمله فتحقق أنه النبي المُنْتَطَر فقال له: إني سائلك عن ثلاثة لا يَعْلَمُهُنَّ إلَاّ نبي، ما أوَّلُ أَشْرَاطَ السَّاعَةِ؟ وما أوَّلُ طَعَام أهْلِ الجَنَّةِ؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه. فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أخبرني بهن جبريلُ آنفاً قال: جبريل قال: نعم قال: ذَاكَ عدوّ اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية: {مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}[البقرة: ٩٧] . أم أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المَشْرِق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كَبِد حُوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعهُ وإن سبق ماء المرأة نزعته فقال: أشهد أنك رسول الله حقاً. ثم قال يا رسول الله: إن اليهود قوم بُهْتٌ، وإن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم