ورفع «أحْسَن: لقيامه مقام الفاعل، ومكان النون ياء مضمومة في الفعلين.
الحَسَنُ والأَعْمَشُ وعِيسَى بالياء من تحت، والفاعل الله تعالى.
(فصل)
ومعنى أولئك أي أهل هذا القول الذي تقدَّم ذكره، فمن يدعو بهذا الدعاء نتقبل عنهم، والتقبل من الله هو إيجاب الثواب له على عمله. وقوله:{أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ} يعني أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا وكلها حسن.
فإن قيل: كيف قال: {أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ} والله يَتَقبَّل الأحْسَنَ وَمَا دُونَه؟!
فالجواب من وجهين:
الأول: المراد بالأحسن الحسن، كقوله تعالى:{واتبعوا أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ}[الزمر: ٥٥] وكقولهم: النَّاقِصُ والأشجُّ أعدلا بني مروان أي عادلاً بني مروان.
الثاني: أنّ الحسن من الأعمال هو المباح الذي لا يتعلق به ثواب، ولا عقاب، والأحسن ما يغاير ذلك وهو المندوب أو الواجب.
وقوله:{وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ} فلا يعاقبهم عليها.
قوله:{في أصحاب الجنة} فيه أوجه:
أظهرها: أنه في محل أي كائنين في جملة أصحاب الجنة كقولك: «أَكْرَمَنِي الأَميرُ في أصحابِهِ» أي في جُمْلَتِهِم.
والثاني: أن «في» معناها «مَعَ» .
الثالث: أنها خبر ابتداء مضمر أي هُمْ في أصحاب الجنَّة.
قوله:{وَعْدَ الصدق} مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة لأن قوله: {أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ} في معنى الوعد، فيكون قوله:«نَتَقَبَّلُ وَنَتَجَاوَزُ» وعداً من الله بالتقبل والتجاوز والمعنى (أنه) يعامل من صفته ما قدمناه بهذا الجزاء، وذلك وعد من الله، فبين أنه صدق لا شك فيه.