قوله:{وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ} والعامة على بناء الفعل نزل للمفعول مشدداً، وزيد بن علي وابنُ مِقْسِم نَزَّلَ مبنيًّا للفاعل وهو اللهُ، والأعمش أُنْزِلض بهمزة التعدية مبنياً للمفعول. وقرىء: نَزَلَ ثلاثياً مبنياً للفاعل. قال سفيان الثوري: لم يخالفوه في شيء. قال بان عباس:«الذين كفروا وصدوا» مشركُوا مكَّةَ والذين آمنوا وعملوا الصالحات الأَنْصَارُ.
قوله:{وَهُوَ الحق} جملة معترضة بين المبتدأ والخبر المفسَّر والمفسِّر.
قوله:{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} حالهم. وتقدم تفسير «البال» في طه. قال ابن عباس (رَضِيَ اللَّهُ عَنْه) : معنى: أصلح، أي عَصَمَهُمْ أيَّامَ حَيَاتِهِمْ يعني أن هذا الإصلاحَ يعود إلَى صلاح أعمالهم حتَّى لا يَعْصُوا.
فصل
قالت المعتزلة: تكفير السيئات مرتّب على الإيمان، والعمل الصالح، فمن آمن ولم يعمل صالحاً يبقى في العذاب خالداً.
والجواب: لو كان كما ذكرتم لكان الإضلال مرتباً على الكفر والصّد، فمن يكفر لا ينبغي أن تضل أعماله. أو نقول: إن الله تعالى رتَّب أمرين فمن آمن كفر سيئاته، ومن عمل صالحاً أصلح باله. أو نقول: أي مؤمنٍ يتصور غير آت بالصالحات بحيث لا يصدر عنه صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا طعام، وعلى هذا فقوله:«وعَملُوا» من عطف المسببِ على السبب كقول القائل: أَكَلْتُ كَثِيراً وشَبِعْتُ.
فإن قيل: ما الحكمة في قوله: «وآمنوا بما نُزّل على محمد» مع أن قوله: «آمنوا وعلموا الصلحات» أفاد هذا المعنى؟ .