يُظْهِرَ ضمائرهم ويُبْرِزَ سرائرهم، وكأن قائلاً قال: فِلمَ لَمْ يُظْهر؟ فقال: أخرناه لمحْض المشيئة لا لخوف منهم ولو نشاء لأريناكم أي لا مانع لنا والإراءة بمعنى التعريف.
وقوله:«فَلَعَرفتهُمْ» لزيادة فائدة وهي أن التعريف قد يطلق ولا يلزم منه المعرفة يقال: عَرَّفْتُهُ ولَمْ يَعْرِف وفَهَّمْتُهُ ولَمْ يَفْهَمْ فقال ههنا: فَلَعَرَفْتَهُمْ يعني عَرَّفْنَاهُمْ تَعْرِيفاً تعرفهم به إشارة إلى قوة التعريف. واللام في قوله:«فلعرفتهم» هي التي تقع في خبر «لو» كما في قوله: «لأَرَيْنَاكَهُمْ» أدخلت على المعرفة إشارة إلى المعرفة المرتبة على المشيئة كأنه قال: ولو نشاء لعرفتهم لتفهم أنَّ المعرفة غير متأخرة عن التعريف فتفيد تأكيد التعريف أي لو نشاء لعرفنانك تعريفاً معه المعرفة لا بعده. وقوله:{فِي لَحْنِ القول} أي في معنى القول حيث يقولون ما معناه النفاق، كقولهم حين مجيء النصر:{إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ}[العنكبوت: ١٠] وقولهم: {لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة}[المنافقون: ٨] وقولهم: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}[الأحزاب: ١٣] ويحتمل أن يكون المراد قولهم ما لم فأمالوا كلامهم كما قالوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُون}[المنافقون: ١] .
ويحتمل أن يكون المراد من لَحْنِ القَوْل هو الوجه الخفي من القول الذي يفهمه النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ ولا يفهمه (غيره.
فالنبي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يعرف)
المنافقين ولم يظهر أمرهم، لى أن أذن الله له في إظهار أمرهم، ومنع من الصلاة على جنائزهم، والقيام على قبورهم.
«بِسيماهُمْ» الظاهر أن المراد أنه تعالى لو شاء لجعل على وجوههم علامة أو يسمخهم كما قال: {وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ}[يس: ٦٧] . وروي أن جماعة منهم أصبحوا وعلى جباههم مكتوب هذا منافقٌ ثم قال تعالى:{والله يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} وهذا وعد للمؤمنين وبيان لكون حالهم بخلاف حال المنافقين.
قوله:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ ... وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} قرأ أبو بكر الثلاثة بالياء من أسفل يعني الله تعالى. والأعمش كذلك وتسكين الواو (والباقون بنون العظمة. ورُوَيْسٌ كذلك وتسكين الواو والظاهر قطعة عن الأوّل في قراءة تسكين الواو) ويجوز أن يكون سكن الواو تخفيفاً كقراءة الحسن: {أَوْ يَعْفُوَاْ الذي}[البقرة: ٢٣٧] بسكون الواو.