للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الله، ثم عطف عليه بقوله: «ويُتِمّ» وبقوله: «ويَهْدِيكَ» ولم يذكر لفظ الله على الوجه الحسن في الكلام وهو أن الأفعال الكثيرة إذا صدرت من فاعل يظهر اسمه في الفعل، ولا يظهر فيما بعد تقول: «جَاءَ زَيْدٌ وَقَعَدَ وَتَكَلََّمَ وَرَاحَ وَقَامَ» ولا تقول جَاءَ زَيْدٌ وَقَعَدَ زَيْدٌ، بَلْ جَاءَ زَيْدٌ وَقَعَد، اختصاراً للكلام بالاقتصار على الأوّل، وههنا لم يثقل: «وَيَنْصُرَكَ نَصْراً» بل أعاد لفظ الله وجوابه هذا إرشاد إلَى طريق النَّصر ولهذا قَلَّمَا ذَكَرَ الله النَّصْرَ من غير إضافة فقال تعالى:

{وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ} [الحج: ٤٠] ولم يقل: بالنَّصْر يُنْصَرُ وقال: {هُوَ الذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} [الأنفال: ٦٢] ولم يقل: أيدك بالنصر، وقال: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح} وقال: {نَصْرٌ مِّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} [الصف: ١٣] ، وقثال: {وَمَا النصر إِلَاّ مِنْ عِندِ الله} [آل عمران: ١٢٦] ، وهذا أدل الآيات على مطلوبها.

وتحقيقه هو أن النصر بالصبر والصبر بالله قال تعالى: {وَمَا صَبْرُكَ إِلَاّ بالله} [النحل: ١٢٧] وذلك لأن الصبر سكون القلب واطمئنانه وذلك بذكر الله (تعالى) كما قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} فلما قال ههنا: «وَيَنْصُركَ اللهُ» أ؟ هر لفظ الله، ليُعْلَمَ أن بذكر الله اطمئنان القلب وبه يحصل الصبر وبه يتحقق النصر.

فصل

قال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} ثم قال: {لَكَ الله} ، ولم يقل: «إنَّا فَتَحْنَا لِيَغْفِرَ لَكَ» تعظيماً لأمر الفتح وذلك لان المغفرة وإن كانت عظيمة لكنها عامة لقوله تعالى: {إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً} [الزمر: ٥٣] وقال: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ} [النساء: ١١٦] فإن قلنا: المراد من المغفرة في حق النبي صلى الله عليه سولم فكذلك لم يختص به نبينا، بل غيره من الرسل كان معصوماً وإتمام النعمة كذلك قال تعالى: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣] وقال تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِي التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٤٧ و١٢٢] وكذلك الهداية قال تعالى: {يَهْدِي الله} [النور: ٣٥] وكذلك النصر، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون} [الصافات: ١٧١١٧٢] وأما الفتح فلم يبق لأحد غير النبي صلى لله عليه ونسلم فعظَّمه بقوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} وفيه التعظيم من وجهين:

أحدهما: قوله: «إنَّا»

والثاني: قوله: «لَكَ» أي لأجلك على وجه المِنَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>