قوله:{يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} لما بين أنه مرسل ذكر أن من بايعهُ فقد بايع الحقّ.
وقوله:{يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} يحتمل وجوهاً، وذلك أن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنًى واحدٍ، وإما أن تكومن بمعنيين فإن كانا بمعنى واحد ففيه وجهان:
أحدهما: قال الكلبي: نعمة الله عليه في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة كما قال تعالى: {بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ}[الحجرات: ١٧] .
وثانيهما: قال ابن عباس ومجاهد: يد الله بالوفاء بما عاهدهم من النصر والخير وأقوى وأعلى من نصرتهم إياه، ويقال: اليدُ لفلانٍ أي الغلبة والقوة.
وإن كانا بمعنيين ففي حق الله بمعنى الحفظ، وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة قال السدي: كانوا يأخذون بيد رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويبايعونه ويد الله فوق أيديهم في المبايعة، وذلك أن المتبايعين إذا مد أحدهما يده إلى الآخر في البيع، وبينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد ولا يترك أحدهما بترك يد الآخر لكي يلزم العقد ولا يتفاسخان فصار وضع اليد فوق الأيدي سببابً لحفظ البيعة، فقال تعالى:{يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} يحفظهم على البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين.
قوله:«فَمَنْ نَكَثَ» أي نقص البيعةَ {فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ} أي عليه وما له {وَمَنْ أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله} أي ثبت على البيعة {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} قرأ أهل العراق فسيُؤتيه بالياء من تحت، وقرأ الآخرون بالنون. والمراد بالأجر العظيم الجنة. وتقدم الكلام في معنى الأجر العظيم.