فإن قيل: كيف جاز اختيار الفتح هَهُنَا ولم يَجُزْ عند التقاء الساكنين إذا كان أحدهما آخر كلمة والآخر أول كلمة أخرى، كقوله:{لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ}[البينة: ١]{وَلَا تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ}[الأنعام: ٥٢] ؟! .
نقول: لأن هناك إنما وجب التحريك لأن الكسرة في الفعل تشبه حركة الإعراب، لأن الفعل إنما كان محلاً للرفع والنصب ولا يوجد فيه الجر اختير الكسرة التي لا يخفى على أحد أنها ليست بجر؛ لأن الفعل لا يجوز فيه الجر، ولو فتح لاشتبه بالنصب، وأما في أواخر الأسماء الاشتباه لازم، لأن الاسم محِلّ يرد عليه الحركات الثلاث فلم يمكن الاحتراز فاختاروا الأخَفَّ.
وإن قلنا: إنها حرف مقسم به فحقها الجر، ويجوز النصب على أنه مفعول به ب «أُقْسِمُ» على وجه الاتصال وتقدير الباء كأن لم يوجد.
وإن قلنا: هي اسم السورة، فإن قلنا: مقسم بها مع ذلك فحقها الفتح لأنها لا تنصرف حينئذ فتفتح في موضع الجر كما تقول: «وإِبْرَاهِيمَ وأَحْمَدَ» ، إذا أقسمت بهما وإن قلنا:(إنه) ليس مقسماً بها فإن قلنا: هي اسم السورة فحقها الرفع إذا جعلناها خبراً تقديره: «هَذِهِ ق» وإن قلنا: هو من قَفَا يَقْفُو فحقه التنوين كقولنا: هَذَا دَاعٍ ورَاعٍ.
وإن قلنا: اسم جبل فالجر والتنوين وإِن كان قسماً.
قوله:«وَالقُرْآنِ المَجِيدِ» قسم، وفي جوابه أوجه:
أحدها: أنه قوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض} .