إذا قلنا: بأن الخلق الأول هو خلق السموات فهذا ابتداء استدلال بخلق الإنسان، وإذا قلنا: بأن الخلق الأول هو خلق الإنسان فهذا تتميم للاستدلال بأن خلق الإنسان أول مرة، وقوله {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} أي يحدث به قلبه، ولا يخفى علينا سرائره وضمائره {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد} لأن أبعاضه تحجب بعضها بعضاً ولا يحجب علمَ الله شيءٌ، وهذا بيان لكمال علمِهِ.
قوله:{مِنْ حَبْلِ الوريد} كقولهم: مَسْجِدُ الْجَامِعِ، أي حبل العِرْقِ الوَرِيدِ. أو لأنَّ الحبل أعم فأضيف للبيان نحو: بعيرُ سَانِيَةٍ أو يراد: حبل العاتق فأضيف إلى الوريد كما يضاف إلى العاتق لأنهما في عضو واحد. قال البغوي: حبل الوريد عرق العُنُق وهو عرق بين الحُلْقُوم والعِلْبَاوَيْنِ تتفرق في البدن، والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين. والوريد إما بمعنى الوارد وإما بمعنى الوُرُود. والوريدُ عرق كبير في العنق. فقال: إنهما وَرِيدان. قال الزمخشري: عرقان مُكْتَنِفَان بصفحتي العُنُق في مقدّمهما يتصلان بالوتين يردان من الرأس إليه يسمى وريداً لأنَّ الروح ترد إليه وأنشد:
٤٥١٠ - كَأَنَّ ورِيدَيْهِ رشَاءَا خُلَّبِ ... وقال أبْرَمُ: هو نهر الجسد وفي القلب الوتين، وفي الظهر الأبهر، وفي الذراع والفخذ الأكحل واللسان وفي الخنصر الأسلم.
قوله:«إذْ يَتَلَقَّى» ظرف ل «أَقْرَب» ويجوز أن يكون منصوباً باذْكُرْ. والمعنى إذ