قوله:{وَنُفِخَ فِي الصور} عطف على قوله: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} يعني نفخة البعث {ذَلِكَ يَوْمُ الوعيد} الذي وعد الكفار أن يعذبهم فيه. قال الزمخشري:«ذلك» إشارة إلى المصدر الذي هو قوله: «وَنُفِخَ» أي وقت ذلك النفخ يوم الوعيد. قال ابن الخطيب: وهذا ضعيفٌ؛ لأن «يوم» لو كان منصوباً لكان ما ذكره ظاهراً، وأما رفع «يوم» فيفيد أن ذلك نفس اليوم، والمصدر لا يكون نفس الزمان وإنما يكون في الزمان.
فالأولى أن يقال:«ذلك» إشارة إلى الزمان المفهوم من قوله: «ونفخ» لأن الفعل كما يدل على المصدر يدل على الزمان فكأنه قال تعالى: ذلك الزمان يوم الوعيد، والوعيد هو الذي أَوْعَدَ به من الحَشر، والمجازاة.
قوله:{وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ} قيل: السائق هو الذي يسوقه إلى الموقف ومنْه إلى مقعده، والشهيدُ هو الكاتب. والسائق لازم للبرِّ والفَاجِرِ، أما البَرُّ فيساق إلى الجنة وأما الفاجر فإلى النار، قال تعالى:{وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ ... وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة}[الزمر: ٧١ - ٧٣] ، والشهيد يشهد عليها بما عملت. قال الضحاك: السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل، وهي رواية العَوْفي عن ابن عباس. وقيل: هما جميعاً من الملائكة.
قوله:«مَعَهَا سَائِقٌ» جملة في موضع جر صفة «لِنَفسٍ» أو في موضع رفع صفة «لكُلّ» أو في موضع نصب حالاً من «كُلّ» . والعامة على عدم الإدغام في «معها» وطلحة على الإدغام «مَحَّا» بحاءٍ مشددة، وذلك أنه أدغم العين في الهاء، ولا يمكن ذلك فقلبت الهاء حاء ثم أدغم فيها العين فقلبها حاءً.
وسمع: ذَهَبَ مَحُّمْ أي معهم. وقال الزمخشري: ومحل «مَعَهَا سَائقٌ» النصب على الحال من «كُلّ» ؛ لتعرفه بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة. وأنْحى عليه أبو حيان وقال: لا يقولُ هذا مبتدئٌ في النحو، لأنه لو نعت «كُلُّ نَفْسٍ» مَا نعت إلا بالنكرة. قال شهاب الدين: وهذا منه غير مرض إذ يعلم أنه لم يرد حقيقة ما قاله.