يوجب أن يكون الإلقاءُ خاصاً بمن اجتمع فيه هذه الصفات بأسرها والكفر وحده كاف في إثبات الإلقاء في جهنم؟
فالجواب: أن قوله: {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} ليس المراد منه الوصف المميز كما يقال: أعطِ العالم الزاهدَ بل المراد الوصف المبين لكون الموصوف موصوفاً به إما على سبيل المدح أو على سبيل الذم كقولك: هَذَا حَاتِمٌ السخيُّ. فقوله:{كل كفار عنيد} معناه أن الكافر عنيد ومناع للخير؛ لأن آياتِ الوحدانية ظاهرةٌ ونِعَمَ الله على عباده وافرة وهو مع ذلك عنيد ومناع للخير، لأنه يمدح دينه ويذم دين الحق فهو يَمْنَعُ، ومُرِيب لأنه يرتاب في الحَشْر، وكل كافر فهو موصوف بهذه الصفات.
قوله:«الَّذِي جَعَلَ» يجوز أن يكون منصوباً على الذَّمِّ، أو على البدل من «كُلَّ» وأن يكون مجروراً بدلاً من «كَفَّارٍ» ، أو مرفوعاً بالابتداء والخبر «فَأَلْقِيَاهُ» . قيل: ودخلت الفاء لشبهِهِ بالشرط، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر، أي هو الذي جعل، ويكون «فَأَلْقِيَاهُ» تأكيداً.
وجوز ابن عَطِيَّة أن يكون صفة «لِكَفَّارٍ» ؛ قال: من حيث يختص «كفار» بالأوصاف المذكورة فجاز وصفه لهذه المعرفة. وهذا مردودٌ. وقرئ بفتح التَّنوين في «مُرِيب» فراراً من تَوَالي أَرْبع متجانساتٍ.