قوله:{وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} يجوز أن يكون حالاً، وأن يكون مستأنفاً. والعامة على ضَمِّ لام اللُّغُوب. وعليٌّ وطلحةُ والسُّلَمِيّ ويَعْقُوبُ بفتحها. وهما مصدران (بمعنًى) . وينبغي أن يضم هذا إلى ما حكاه سِيبويه من المصادر الجائية على هذا الوزن وهي خمسة وإلى ما زاده الكسائي وهو الْوَزُوعُ فتصير سبعةً، وقد تقدم هذا في البقرة عند قوله تعالى:{وَقُودُهَا الناس والحجارة}[البقرة: ٢٤] واللّغوب العناءُ والتّعَبُ.
قوله تعالى:{فاصبر على مَا يَقُولُونَ} من كَذِبِهِمْ، وقولهم بِالاسْتِرَاحَةِ، أو على قولهم: إن هذا لشيء عَجِيبٌ. وهذا قبل الأمر بقتالهم.
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} قيل: هذا أَمر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالصلاة كقوله تعالى:{وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ الليل}[هود: ١١٤] وقوله {قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب} إشارة إلى طرفي النهار، وقوله:{وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ} إشارة إلى {زُلَفاً مِّنَ الليل}[هود: ١١٤] .
وتقريره أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان مشتغلاً بأمرين:
أحدهما: عبادة الله.
والثاني: هداية الخلق، فإذا لم يهتدوا قيل له: أقبل على شغلك الآخر وهو العبادة.
وقيل: معنى سَبِّحْ بحمد ربك، أي نَزِّههُ عما يقولون ولا تَسْأَمْ من تذكيرهم بعَظَمَةِ الله، بل نَزِّهه عن الشرك والعجز عن الممكن وهو الحشر قبل الطلوع وقبل الغروب؛ فإنهما وقت اجتماعهم ويكون المراد بقوله:{وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ} أوله، لأنه أيضاً وقت اجتماعهم.
وقيل: المعنى: قُلْ سُبْحَان الله، لأن ألفاظاً جاءت بمعنى التلفظ بكلامهم كقولهم: كَبَّر لمن قال: اللَّهُ أَكْبَرُ وسلَّم لمن قال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وحمَّد لمن قال: الْحَمْدُ لله.