قوله تعالى:{إِنَّ الله هُوَ الرزاق} يعني لجميع خلقه، وهذا تقرير لعدم طلب الرزق، وقوله:«ذو القُوَّةِ» تقرير لعدم طلب العمل لأن من يطلب رزقاً يكون فقيراً محتاجاً، ومن يطلب عملاً يكون عاجزاً لا قوة له فكأنه يقول: ما أريدُ منهم من رزق فإني أنا الرزّاق، ولا العمل فإِني قَوِيّ.
وروي أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - قرأ: إِنِّي أنا الرزَّاق، وقرأ ابن مُحَيْصِن: الرَّازق، كما تقدم في قراءته:{وَفي السَّمَاء رازِقُكمْ} .
قوله:«المَتِينُ» العامة على رفعه، وفيه أوجه:
إما النعت للرزَّاق، وإما النعت لِذُو، وإما النعت لاسم «إِنَّ» على الموضع. وهو مذهب الجَرْمِيِّ والفراء، وغيرهما. وإما خبر بعد خبر، وإما خبر مبتدأ مضمر. وعلى كل تقدير فهو تأكيد، لأن «ذو القوة» يفيد فائدتَهُ.
وقرأ يَحْيَى بْنُ وَثَّاب والأعمشُ المَتِينِ - بالجر - فقيل: صفة «القوة» ، وإنما ذكر وصفها لكوْن تأنيثِها غيرَ حَقِيقيٍّ. وقيل: لأنها في معنى الأيْدِ.
وقال ابن جنِّي: هو خفض على الجوار كقولهم: «هَذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ» يعني أنه صفة للمرفوع، وإنما جر لما جاور مجروراً. وهذا مرجوحٌ لإمكان غيره، والجوار لا يصار إليه إلا عند الحاجة.
فصل
قال تعالى:«ما أريد» ولم يقل: إني رازق بل قال على الحكاية عن الغائب إن الله هو الرزّاق فما الحكمة فيه؟ .