والعامة على فتح الدال وتشديد العين من دَعَّهُ يَدُعُّهُ أي دفعه في صدره بعُنْفٍ وشِدَّةٍ. قال الراغب: وأصله أن يقال للعاثر: دع كما يقال له لَعاً.
وهذا بعيد من معنى هذه اللفظة.
وقرأ علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - والسّلمي وأبو رجاء وزيد بن علي بسكون الدال وتخفيف العين مفتوحة من الدُّعَاءِ أي يُدْعَوْنَ إليها فيقال لهم: هَلُمُّوا فادخلوها.
قوله: دَعًّا مصدر معناه تدفعهم الملائكة دفعاً على وجوههم بعُنْفٍ أي يُدْفَعُونَ إِلى النار، فإِذا دَنَوْا منها قال لهم خزنتها: هَذِهِ النَّار التي كنتم بها تكذبون في الدنيا.
فإن قيل: قوله تعالى: {يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ} يدل على أن خزنتها يقذفونهم في النار وهم بعيداً عنها وقوله تعالى: {يُسْحَبُونَ فِي النار على وُجُوهِهِمْ}[القمر: ٤٨] يدلّ على أنهم فيها.
فالجواب من وجوه:
الأول: أن الملائكة يَسْحَبُونَهُمْ في النار، ثم إذا قربوا من نار مخصوصة وهي نار جهنم يقذفونهم فيها من بعيد فيكون السحب في نار، والدفع في نار أشد وأقوى، بدليل قوله:{يُسْحَبُونَ فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ}[غافر: ٧١ و٧٢] . أي يسحبون في حَمْوَةِ النار، ثم بعد ذلك يكون لهم إِدخالٌ.
الثاني: يجوز أن يكون في كل زمان يتولى أمرهم ملائكة فإلى النار يدفعهم ملك وفي النار يَسْحَبُهُم آخر.
الثالث: أن يكون السحبُ بسَلَاسِلَ أي يسحبون في النار، والساحب خارج النار.
الرابع: أن يكون الملائكة يدفعونهم إِلى النار إهانةً لهم، واستخفافاً بهم ويدخلون معهم النار ويسحبونهم.