للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أن المراد ما وقع في صدر الكلام من الاستفهام بالهمزة كأنه يقول: «أَخُلِقُوا مِنْ غير شيء» .

قال ابن الخطيب: ويحتمل أن يقال: هو على أصل الوضع للاستفهام الذي يقع في أثناء الكلام وتقديره: أَم خُلِقُوا من غير شيء أم هم الخالقون؟

قوله: {مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} يجوز أن تكون «من» لابْتِدَاء الغاية على معنى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شيء حَيٍّ كالجَمَادِ فهم لا يُؤْمَرُون ولا يُنْهَوْنَ كما الجَمَادَات، وقيل: هي للسَّبَبِيَّة على معنى من غير عِلَّةٍ، ولَا لِغَايَةِ ثوابٍ ولا عقابٍ.

فصل

وجه تعلق الآية بما قبلها أنهم لما كذبوا النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ونسبوه إلى الكَهَانَةِ والشِّعْر والجُنُونِ وبرأه الله من ذلك ذكر الدليل على صِدْقِهِ إبطالاً لتكذيبهم وبدأ بأنفسهم فكأنه يقول: كيف تكذبونَهُ وفي أنفسكم دليل صدقه، لأن قوله كانَ في ثلاثة أشياء، في التوحيدِ، والحَشْرِ، والرسالة ففي أنفسهم ما يعلم صدقه وهو أنهم خلقوا وذلك دليل التوحيد لما تقدم أنَّ:

فِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الوَاحِدُ؟

وأما الحشر فلأن الخلق الأول دليل على جواز الخلق الثاني.

فصل

قال المفسرون: معنى الآية: أم خلقوا من غير شَيْءٍ فوُجِدُوا بلا خالق وذلك مما لا يجوز أن يكون {أَمْ هُمُ الخالقون} لأنفسهم وذلك في البُطْلَان أشدُّ؛ لأن ما لا وجودَ له كيف يخلق فإذا بَطَلَ الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقاً فليؤمنوا به. قال هذا المعنى أبو سليمان الخَطَّابِيُّ. وقال الزجاج: معناه أَخُلِقُوا باطلاً لا يُحَاسَبُون ولا يُؤْمِنُون وقال ابْنُ كَيْسَانَ: أخلقوا عبثاً وتركوا سُدًى لا يُؤْمَرُونَ ولا يُنهَوْن كقول القائل

<<  <  ج: ص:  >  >>