وعطف الحال على الحال يوجب اتحاد الزمان، و «ما» من قوله: «ما كسبتم» ك «ما» المتقدمة.
فصل فيمن استدل بالآية على إضافة بعض الأكساب إلى العبد
دلت هذه الآية على أن العبد يضاف إليه أعمال وأكساب، وإن كان الله تعالى أقدره على ذلك، إن كان خيراً فبفضله وإن كان شرًّا فبعدله، فالعبد مكتسب لأفعاله، على معنى أنه خلقت له قدرة مُقَارنة للفعل يدرك بها الفرق بين حركة الاختيار وحركة الرَّعشة مثلاً، وذلك التمكن هو مَنَاط التكليف، وهذا مذهب أهل السُّنة.
وقالت الجبرية بنفي اكتساب العَبْدِ، وأنه كالنبات الذي تصرفه الرياح.
وقالت القدرية والمعتزلة خلاف هذين القولين، وأن العبد يخلق أفعاله، نقلهُ القرطبي.
قوله:«وَلَا تُسْأَلُونَ» هذه الجملة استئناف ليس إلَاّ، ومعناها التوكيد لما قبلها؛ لأنه لما تقدم أن أحداً لا ينفعه كسب أحد، بل هو مختص به إن خَيْراً وإن شرًّا، فلذلك لا يسأل أحد عن غيره، وذلك أن اليهود افتخروا بأسلافهم، فأخبروا بذلك.
و «ما» يجوز فيها الأوجه الثلاثة من كونها موصلة أسمية، أو حرفية، أو نكرة، وفي الكلام حذف، أي: ولا يُسْألون عما كنتم تعملون.
قال أبو البقاء: ودلّ عليه: لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم انتهى.
ولو جُعِل الدالُّ قوله:«ولا تسألون عما كانوا يعملون» كان أوْلى؛ لأنه مقابلة.