للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تجادلونه فيما رآه وقد رآه على وجهٍ لا شك فيه؟

واعلم أن قوله: (نَزْلَةً) هي فَعْلَةٌ من النزول كجَلْسَةٍ من الجُلُوس فلا بدّ من نُزُولٍ. واختلفوا في ذلك النزول وفيه وجوه:

الأول: أن الضمير في (رآه) عائد إلى الله تعالى، أي رأى اللَّهَ نزلةً أخرى. وهذا قول من قال في قوله {مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى} [النجم: ١١] هو الله تعالى. وقد قيل: بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى ربه بقلبه مرتين. وعلى هذا ففي النزول وجهان:

أحدهما: قول من يجوز على الله الحركة.

وثانيهما: أن النزول بمعنى القُرْبِ بالرَّحْمَةِ والفَضْلِ.

الثاني: أن محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى الله نزله أخرى، والمراد من النزلة ضدها، وهي العَرْجة كأنه قال: رآه عَرْجَةً أخرى قال ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -) نزلة أخرى هو أنه كانت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَرَجَاتٌ في تلك الليلة لمسألة التخفيف من الصلوات فيكون لكل عرجة نزلة فرأى ربه في بعضها.

وروي عن ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى ربه بفؤاده مرتين. وعنه أنه رأى ربَّه بعيْنَيْهِ.

القول الثاني: أن الضمير في (رآه) عائد إلى جبريل أي رأى جبريل نزلةً أخرى أي رأى جبريل في صورته التي خلق (عليها) نازلاً من السَّمَاء مرةً أخرى وذلك أنه رآه في صورته مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء {عِندَ سِدْرَةِ المنتهى} قال ابن الخطيب: ويحتمل أن تكون النَّزْلَةُ لمحمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما تقدم في العَرْجَانِ.

فصل

وقوله {عِندَ سِدْرَةِ المنتهى} المشهور أن السدرة شجرةٌ في السماء السابعة. وقيل: في السماء السادسة، كما ورد عنه - عليه الصَّلاة والسَّلام - أنه قال: «نَبْقُهَا كَقِلَال هَجَرَ، وَوَرَقَهُا كَآذَان الفِيَلَةِ» .

وقيل: سدرة المنتهى الحيرة القصوى من السدرة. والسدرة كالركبة من الراكب. يعني عندها يَحَار العقل حيرةً لا حيرة فوقها، وما حار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وما غاب ورَأَى مَا رَأَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>