للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - أولاً أمر القلوب بذكر الله حَسْب، فإن بذكْرِ الله تطمئن القلوب، كما أن بالغذاء تطمئن النفوس فالذكر غذاء القلب ولهذا قال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - أولاً: «قُولُوا لَا إلَه إلَاّ اللَّهُ» أمر بالذكر، فانتفع مثلُ أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ومن لم ينتفع ذكر لهم الدليلَ وقال {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ} [الأعراف: ١٨٤] {قُلِ انظروا} [يونس: ١٠١] {أَفَلَا يَنظُرُونَ} [الغاشية: ١٧] إلى غير ذلك فلما لم ينتفعوا أتى بالوعيد والتهديد فلما لم ينتفعوا قال: أعْرِضْ عن المعالجة واقطع الفاسد لئلا يفسد الصَّالح.

قوله: «ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ» قال الزمخشري: هو اعتراض (أي فأعرض عنه ولا تُعَامِلْهُ إنَّ رَبَّكَ هُو أَعْلَمُ.

قال أبو حيَّان: كأنه يقول: هو اعتراض) بين «فَأَعْرِضْ» وبين: «إِنَّ رَبَّكَ» ولا يظهر هذا الذي يقوله من الاعتراض.

قال شهاب الدين: كيف يقول: كأنه يقول: هو اعتراض وما معنى الشبيه وهو قد نصَّ عليه وصرح به فقال: أي فأعرض عنه ولا تعامله إنَّ رَبَّكَ. وقوله «وَلَا يَظْهَرْ» ما أدري عدم الظهر مع ظهور أن هذا علة لذاك أي قوله: «إنَّ رَبَّكَ» علة لقوله «فَأَعْرِضْ» والاعتراض بين العلَّة والمعلول ظاهر وإذا كانوا يقولون: هذا معترض فيما يجيء في أثناء قصَّة فكيف بما بين علة ومعلول؟

فصل

«ذَلِكَ» إشارة إلى نهاية عِلْمهم وقدر عقولهم إن آثروا الدنيا على الآخرة. وقيل: إشارة إلى الظن أي لم يبلغوا من العلم إلا ظنهم أن الملائكةَ بناتُ الله وأنها تشفع لهم، واعتمدوا على ذلك وأعرضُوا عن القرآن. وقيل: إشارة إلى الإعراض أي فأعرضْ عمَّن تولى؛ وذلك لأن الإعراض غاية ما بلغوه من العلم وعلى هذا يكون المراد من العِلْم المَعْلُوم وتكون الألف واللام للتعريف والعلم المعلوم هو ما في القرآن.

فإن قيل: إنَّ الله تعالى بين أن غايتهم ذلك في العلم ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها والمجنون الذي لا علم له أو الصبي لا يؤمر بما فوق احتماله فكيف يعاقبهم الله؟

فالجواب: أنه ذكر قبل ذلك أنهم تَوَلَّوْا عن ذكر الله فكان عدم علمهم لعدم قبولهم

<<  <  ج: ص:  >  >>