وقرئ بفتح الياء، وهو ضعيف؛ لأنه ليس فيه ضمير يعودُ على اسم أنَّ وهو السَّعْي والضمير الذي فيه الهاء فيبقى الاسم بغير خبر وهو كقولك: إنَّ غُلَامَ زَيْدٍ قَامَ وأنت تعني قام زيد، فلا خبر «لغُلَامٍ» .
وقد وُجِّه على أن التقدير سوف يَرَاهُ فتعود الهاء على السَّعي. وفيه بعد. انتهى.
قال شهاب الدين: وليت شعري كيف توهم المانع المذكور وكيف نظّره بما ذكر؟ {ثم أي بعد في تقدير سوف يَرَى سَعْي نَفْسِهِ؟} وكأنه اطلع على مذهب الكوفيين في المنع إلا أن المُدْرَكَ غير المُدْركِ.
قوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَاّ مَا سعى} أي عَمِل، كقوله: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} [الليل: ٤] . وهذا أيضاً في صُحُف إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى. قال ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) - هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة بقوله: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١] فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء.
وقال عكرمة: كان ذلك لقَوم إبراهيم وموسى أما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لِمَا «رُوِيَ أن امرأةً رَفَعَتْ صبيًّا لها فقالت يا رسول الله: ألهذا حَجٌّ؟ قال: نعم، ولكِ أجرٌ» .
«وقال رجل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إن أمّي قَتَلَتْ نفسها فهل لها أجر إن تصدّقت عنها؟ قال: نعم» .
قال الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن تَيْمِيةَ: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة:
أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير.
الثاني: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها، ثم لأهل الكبائر في الإخراج من النار، وهذا انتفاع بسعي الغير.
الثالث: أن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير.
الرابع: أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير.
الخامس: أن الله يُخْرج من النار من لم يعمل خيراً قطّ بمَحْض رحمته. وهذا انتفاع بغير عملهم.