للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المراد من هذه الآية التوحيد.

وفي المخاطب وجهان:

أحدهما: أنه عام تقديره إلى ربك أيها السامع أو العاقل.

والثاني: أنه خطاب مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعلى الأولى يكون تهديداً وعلى الثاني يكون تسليةً لقلب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

فعلى الأولى أيضاً تكون اللام في «المُنْتَهَى» للعهد الموعود في القرآنِ.

وعلى الثاني تكون للعموم أي إلى ربك كُلُّ مُنْتَهى.

فإن قيل: فعلى هذا الوجه يكون مُنْتَهًى، وعلى الأول يكون «مُبْتدًى» .

فالجواب: منتهى الإدراكاتِ والمُدْرَكَاتِ فإن الإنسان أولاً يُدْرِك الأشياء الظاهرة ثم يُمْعِنُ النظر فينتهي إلى الله فيقف عنده.

قوله: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبكى} (أضحك وأبكى) ما بعده هذا يسميه البيانيون الطِّباق والتضاد وهو نوع من البديع، وهو أن يذكر ضِدّان أو نقيضان أو متنافيان بوجه من الوجوه.

و «أَضْحَك وَأَبْكَى» (أضحك وأبكى) ما بعده هذا يسميه البيانيون الطِّباق والتضاد وهو نوع من البديع , وهو أن يذكر ضِدّان أو نقيضان أو متنافيان بوجه من الوجوه. و" أَضْحَك وَأَبْكَى " لا مفعول لهما في هذا الموضع؛ لأنها مسوقة لقدرة الله تعالى لا لبيان المقدور، فلا حاجة إلى المفعول كقول القائل: فُلَانٌ بِيَدِهِ الأخذُ والعَطَاءُ يُعْطِي ويمنع ولا يريد ممنوعاً ومُعْطًى.

فصل

اختار هذين الوصفين المذكورين لأنهما أمران لا يُعَلَّلان، فلا يقدر أحد من الطَّبِيعِيّينَ أن يُبْدِيَ في اختصاص الإنسان بالضَّحكِ والبكاء وجهاً وسبباً وإذا لم يعلل بأمر، فلا بد له من موجد فهو الله بخلاف الصِّحة والسَّقَم، فإِنهم يقولون: سببهما اعتلالُ المِزاج وخروجُه عن الاعْتِدَال.

ومما يدل على ما ذكرنا أنهم عللوا الضحك قالوا: لقوة التعجب وهو باطل، لأن الإنسان ربما يبهت عند رؤية الأمور العَجِيبة ولا يضحك. وقيل: لقوة الفرح؛ وليس كذلك؛ لأن الإنسان قد يبكي لقوة الفرح كما قال بعضهم (شعراً)

٤٥٦٩ - هَجَمَ السُّرُورُ عَليَّ حَتَّى إنَّنِي ... مِنْ عِظَمِ ما قَدْ سَرَّنِي أَبْكَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>