للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعد خلق النطفة قال ههنا: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الأخرى} فجعل خلق الروح نشأةً أخرى كما جَعَلَه هناك إِنشاءً آخَرَ.

فإن قيل: الإعادة لا تجب على الله، فما معنى قوله تعالى: «وأنَّ عَلَيْهِ» ؟

فالجواب على مذهب المعتزلة يجب عليه عقلاً، فإن الجزاء واجب، وذلك لا يتم إلا بالحشر فتجب الإعادة عليه عقلاً، وأما على مذهب أهب السنة ففيه وجهان:

الأول: «عَلَيْهِ» بحكم الوعد، فإنه قال: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الموتى} [يس: ١٢] «فَعَلَيْهِ» بحكم الوعد لا بالعقل ولا بالشَّرْع.

الثاني: «عليه» بحكم التعيين، فإن من حَضَرَ بين جمع وحاولوا أمراً وعجزوا عنه، يقال له: وَجَبَ عَلَيْكَ إِذَنْ أنْ تَفْعَلَه أي تَعَيَّنْتَ لَهُ.

فصل

قرىء النَّشْأَةَ على أنه مصدر كالضَّرْبَةِ على وزن فَعْلَةٍ وهي المَرَّة يقال: ضَرْبَةٌ وضَرْبَتَانِ يعني النشأة مرة أخرى عليه. وقرىء النَّشاءة - بالمد - على أنه مصدر على وزن فَعَالَةٍ، كالكَفَالَةِ. وكيفما قُرِىءَ فهي من «نَشَأَ» ، وهو لازمٌ.

قوله: {وَأَنَّهُ هُوَ أغنى وأقنى} قال أبو صالح: «أغنى» الناسَ بالأَمْوَالِ «وأقنى» أعطى القُنيَةَ وأصول الأموال وما يَدَّخِرُونَه بعد الكِفاية.

وقال الضحاك: «أغنى» بالذهب والفضة، وصنوف الأموال، «وأقنى» بالإبل والبَقَر والغنم، وقال الحسن وقتادة: أخْدَمَ. وقال ابن عباس - (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما) أغْنَى وأَقْنَى أَعْطَى فَأَرْضَى. وقال مجاهد ومقاتل: أرضى بما أعطى وقنع. وقال الراغب: وتحقيقه أنه جعل له قنيةً من الرِّضا.

وقال سُلَيْمَان التَّيْميّ: أغنى نفسه وأفقر خلقه إِليه. وقال ابن زيد: «أغنى» أكثر «وأقنى» أقلَّ، وقرأ: {يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} [الإسراء: ٣٠] .

وقال الأخفش: «أقنى» : أفقر. وقال ابن كيسان: أوْلَدَ. قال الزمخشري: «أقنى» أعطى القُنْيَةَ، وهي المال الذي تأثَّلْته وعزمت أن لا يخرج من يدك. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>