واضع الشيء في غير موضعه، والطَّاغِي المجاوز للْحَدِّ.
فإن قيل: المراد من الآية تخويف الظالم بالهلاك، فإذا قيل: إنهم كانوا في غايةِ الظلم والطُّغْيَان فأهلكوا (ويقول الظالم: هم كانوا أظلم فأهلكوا) لمبالغتهم في الظلم ونحن ما بالغنا، فلا نهلك، فلو قال: أهلكوا لظلمهم لخاف كل ظالم فما الفائدة في قوله: أظلم؟
فالجواب: أن المقصود بيان (شِدَّتِهِمْ) وقوة أجسامهم، فإنهم لم يقدموا على الظلم والطُّغْيَان الشديد إلا بتماديهم وطول أعمارهم ومع ذلك ما نجا أحدٌ منهم فما حال من هو دونهم في العمر.
رُوِيَ أن الرجل منهم كان يأخذ بيد ابنه ينطلق به إلى قوم نوحٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - يقول: احذر هذا فإنه كذاب، وإن أبي قد مشى بي إلى هذا، وقال لي ما قلت لك فيموت الكبير على الكفر وينشأ الصغير على وصية أبيه.
قوله:«وَالمُؤْتَفِكَةَ» منصوب ب «أَهْوَى» ؛ وقدم لأجل الفواصل. والمراد بالمؤتفكة قرى قوم لوط «أَهْوَى» أسقط، أي أهواها جبريلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد ما رفعها إلى السماء.
قوله:«فَغَشَّاهَا» أي ألْبَسَهَا الله «ما غشى» يعني الحجارة المصورة المسوَّمة. وقوله «مَا غَشَّى» كقوله «مَا أَوْحَى» في الإبهام وهو المفعول الثاني إن قلنا: إن التضعيف للتعدية، وإن قلنا: إنه للمبالغة والتكثير فتكون «ما» فاعله كقوله: {فَغَشِيَهُم مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ}[طه: ٧٨] والمؤتفكة المنقلبة. وقرىء: والْمُؤْتَفِكَاتُ.
فإن قيل: إذا كان معنى «المؤتفكة» المنقلبة ومعنى «أهوى» قلبها فيكون المعنى والمنقلبة قلبها وقلب المنقلبة تحصيل حاصل.
فالجواب: أن معناه المنقلبة ما انقلبت بنفسها بل الله قَلَبَها فانْقَلَبَتْ.
قوله:«فبأي» متعلق ب «تتمارَى» والباء ظرفية بمعنى «فِي» والآلاء النعم واحدها إلْي وإلى وأَلاً.