و» له «متعلِّق ب» مُسْلِمُون «، قدم للاهتمام به لعود الضمير على الله تعالى أو لتناسب الفواصل.
فصل في الكلام على الآية
قدم الإيمان بالله؛ لأن من لا يعرف الله يستحيل أن يعرف نبيًّا أو كتاباً، فإذا عرف الله، وآمن به عرف أنبياءه، وما أنزل عليهم.
وقوله:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ} فيه وجهان:
الأول: لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى، بل نؤمن بالكل، روي عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام؛ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا: آمَنَّا باللهِ وَمَا أُنْزِلَ ... «الآية.
الثاني: لا نقول: إنهم متفرقون في أصول الديانات، بل هم يجتمعون على الأصول التي هي الإسلام كما قال تعالى:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى أَنْ أَقِيمُواْ الدين وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى المشركين}[الشورى: ١٣] .
[فإن قيل: كيف يجوز الإيمان بأبراهيم وموسى وعيسى مع القول بأن شرائعهم منسوخة؟
قلنا: نحن نؤمن بأن كل واحد من تلك الشرائع كان حقاً في زمانه، فلا تلزمنا المناقضة، وإنما تلزم المناقضة لليهود والنصارى؛ لاعترافهم بنبوة من ظهر المعجز على يده. لم يؤمنوا] .
وقوله:» وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ «يعنى أن إسلامنا لأجل طاعة الله لا لأجل الهوى.