قال ابن عباس: من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض.
قال القرطبي: ويجوز أن يكون المقام للعبد، ثم يضاف إلى الله، وهو كالأجل في قوله تعالى: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ} [الأعراف: ٣٤] وقوله في موضع آخر: {إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُ} [نوح: ٤] .
وقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ} أي: كل خائف له جنتان على حدة.
وقيل: جنتان لجميع الخائفين. والأول أظهر.
وقيل: جنة لخائف الإنس، وأخرى لخائف الجن، فيكون من باب التوزيع. وقيل: «مقام» هنا مُقحم، والتقدير: «ولمن خاف ربه» ؛ وأنشد: [الوافر]
٤٦٥١ - ... ... ... ... ... ونَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كالرَّجُلِ اللَّعينِ
أي: نفيت الذئب وليس بجيد، لأنَّ زيادة الاسم ليست بالسهلة.
وقيل: المراد ب «الجنتين» : جنّة للجزاء، وأخرى زيادة على الجزاء.
وقيل: إن الجنتين: جنته التي خلقت له، وجنة ورثها.
وقيل: إحدى الجنتين منزله، والأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا.
وقيل: إحدى الجنتين مسكنه، والأخرى بستانه.
وقيل: إن إحدى الجنتين أسافل القصور، والأخرى أعاليها.
وقال مقاتل: هما جنة عدن وجنة النعيم.
وقال الفرَّاء: إنها جنة واحدة، وإنما ثنّى مراعاة لرءوس الآي.
وقيل: جنة واحدة، وإنما ثنّى تأكيداً كقوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: ٢٤] .
وأنكر القتبي هذا، وقال: لا يجوز أن يقال: خزنة النار عشرون، وإنما {تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: ٣٠] مراعاة لرءوس الآي.
وأيضاً قال: {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} .
وقال عطاء وابن شوذب: نزلت هذه الآية في أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - حين ذكر ذات يوم الجنّة حين أزلفت، والنَّار حين برزت.
وقال الضحاك: بل شرب ذات يوم لبناً على ظمأ، فأعجبه فسأل عنه، فأخبر أنه من غير حلٍّ فاستقاءه ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينظر إليه، فقال: «رحمكَ اللَّهُ لقَدْ أنْزِلَتْ فِيْكَ آيَةٌ» ، وتلا عليه هذه الآية.