فإن قيل: قوله تعالى: {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} ، و {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} ، و {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} . أوصاف للجنتين المذكورتين، فهو كالكلام الواحد، تقديره:«جنتان ذواتا أفنان، وفيهما عَيْنَان تجريان، وفيهما من كل فاكهة زوجان» فما الفائدة في فصل بعضها عن بعض بقوله: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ؟ مع أنه لم يفصل حين ذكر العذاب بين الصفات، بل قال:{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ}[الرحمن: ٣٥] مع أن إرسال النُّحاس غير إرسال الشُّواظ. وقوله:«يَطُوفُون» كلام آخر؟ .
فالجواب: أنه جمع العذاب جملة، وفصل آيات الثواب ترجيحاً لجانب الرحمة على جانب العذاب، وتطييباً للقلب، وتهييجاً للسَّامع؛ فإن إعادة ذكر المحبوب محبوب، وتطويل الكلام في اللذات مستحسن.
فإن قيل: ما وجه توسيط آية العينين بين ذكر الأفنان، وآية الفاكهة والفاكهة إنما تكون على الأغصان، فالمناسبة ألاّ يفصل بين آية الأغصان والفاكهة؟ .
فالجواب: أنه على عادة المتنعمين إذا خرجوا يتفرجون في البستان، فأول قصدهم الفرجة بالخضرة والماء، ثم يكون الأكل تبعاً.
قوله:«متّكِئين» يجوز أن يكون حالاً من «منْ» في قوله {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} وإنما جمع حملاً على معنى «مَنْ» بعد الإفراد حملاً على لفظها.
وقيل: حال عاملها محذوف، أي: يتنعمون متكئين.
وقيل: منصوب على الاختصاص.
والعامة على:«فُرُش» بضمتين، وأبو حيوة: بضمة وسكون، وهي تخفيف منها.
قوله تعالى:{بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} هذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفة والظاهر أنها صفة ل «فُرش» . وتقدم الكلام في «الاستبرق» في سورة الكهف.
وقال أبو البقاء: أصل الكلمة فعل على «اسْتَفْعَلَ» ، فلما سمي به قطعت همزته.
وقيل: هو أعجمي، وقرىء بحذف الهمزة، وكسر النون، وهو سهو؛ لأن ذلك لا يكون في الأسماء، بل في المصادر والأفعال. انتهى. أما قوله: وهو سهو؛ لأن ذلك لا يكون إلا في الأسماء ... الخ.