فإن قيل: كيف تقدّم تثنيته في قوله: {فِيهِمَا عَيْنَانِ} ، و {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ} ثم أتى بضمير جمع؟ .
فالجواب: أن أقلّ الجمع اثنان على قول، وله شواهد تقدم أكثرها، أو يقال: عائد إلى الجنَّات المدلول عليها بالجنتين.
أو يقول: كل فرد فرد له جنتان فصح أنها جنان كثيرة، وإما أن الجنة تشتمل على مجالس وقصور ومنازل، فأطلق على كل واحد منها جنة.
وقيل: يعود على الفرش.
قال الزمخشري: «فِيهِنَّ» أي: في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين، والفاكهة والفرش والجنى.
قال أبو حيان: «وفيه بُعْد» وكأنه قد استحسن الوجه الأول وفيه نظر؛ لأن الاستعمال أن يقال: على الفراش كذا، ولا يقال: في الفراش كذا إلا بتكلّف.
فلذلك جمع الزمخشري مع الفرش غيرها حتى صح له أن يقول: «فيهن» بحرف الظرفية؛ ولأن الحقيقة أن يكون الإنسان على الفرش لأنه مستعمل عليها.
وأما كونها فيها فلا يقال إلا مجازاً.
وقال الفراء: كل موضع في الجنة، فلذلك صح أن يقال: «فيهن» .
والقاصرات: الحابسات الطَّرف: أي يحبسن أعينهن عن غير أزواجهن.
ومعناه: قصرن ألحاظهن على أزواجهن.
قال امرؤ القيس: [الطويل]
٤٦٥٧ - مِنَ القَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مِحْوَلٌ ... مِنَ الذّرِّ فوقَ الإتبِ مِنْهَا لأثَّرَا
و «قاصرات الطّرف» من إضافة اسم الفاعل لمنصوبه تخفيفاً، إذ يقال: قصر طرفه على كذا، وحذف متعلق القصر للعلم به، أي: على أزواجهن.
وقيل: معناه: قاصرات طرف غيرهن عليهن إذا رآهن أحد لم يتجاوز طرفه إلى غيرهن.
ووحد الطرف مع الإضافة إلى الجمع؛ لأنه في معنى المصدر، من طرفت عيناه