قال البغوي: «يدلّ عليه قول الضحاك: الجَنَّتان الأوليان من ذهب وفضّة، والأخريان من ياقُوت وزمرّد، وهما أفضل من الأوليين» .
وإلى هذا القول ذهب أبو عبد الله الترمذي الحكيم في «نوادر الأصول» ، وقال: «ومعنى {ومن دونهما جنتان} أي: دون هذا إلى العرش، أي: أقرب وأدنى إلى العرش» .
وقال مقاتل: الجنَّتان الأوليان: جنة عدن وجنة النعيم، والأخريان: جنة الفردوس، وجنة المأوى.
قوله تعالى: {مُدْهَآمَّتَانِ} أي: خضراوان. قاله ابن عبَّاس وغيره.
وقال مجاهد: مسودتان.
والإدْهَام في اللغة: السواد وشدة الخضرة، جُعلتا مدهامتان لشدة ريِّهما، وهذا مشاهد بالنظر، ولذلك قالوا: سواد «العراق» لكثرة شجره وزرعه.
ويقال: فرس أدهم وبعير أدهم، وناقة دهماء، أي اشتدت زرقته حتى ذهب البياض الذي فيه، فإن زاد على ذلك واشتد السواد فهو جَوْن، وادهمَّ الفرس ادهماماً أي صار أدهم.
وادْهَامَّ الشيء ادهيماماً: أي: اسوداداً، والأرض إذا اخضرت غاية الخضرة تضرب إلى السواد، ويقال للأرض المعمورة: سواد يقال: سواد البلد.
وقال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «عَليْكُمْ بالسَّوادِ الأعظَمِ، ومن كَثَّرَ سوادَ قَوْمٍ فهُو مِنْهُمْ» .
قال ابن الخطيب: والتحقيق فيه أن ابتداء الألوان هو البياض وانتهاؤها هو السَّواد، فإنَّ الأبيض يقبل كل لون، والأسود لا يقبل شيئاً من الألوان.
قوله تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} .
قال ابن عباس: فوَّارتان بالماء والنَّضْخُ - بالخاء المعجمة - أكثر من النَّضْحِ - بالحاء المهملة - لأن النَّضْح بالمهملة: الرَّشُّ والرشحُ، وبالمعجمة: فورانُ الماء.
وقال ابن عباس والحسن ومجاهد: المعنى نضَّاختان بالخير والبركة.
وعن ابن مسعود وابن عباس أيضاً وأنس: تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور في دور أهل الجنة كما ينضخ رشّ المطر.