والباقون: بالياء، صفة للربّ، فإنه هو الموصوف بذلك، وأجمعوا على أن الواو في الأولى إلا من استثنى فيما تقدم.
فصل في تحرير معنى تبارك
«تبارك» تفاعل من «البركة» .
قال ابن الخطيب: وأصل التَّبارك من التَّبرك، وهو الدوام والثبات، ومنه برك البعير وبركة الماء، فإن الماء يكون فيها دائماً.
والمعنى: دام اسمه وثبت، أو دام الخير عنده؛ لأن البركة وإن كانت من الثبات، لكنها تستعمل في الخير، أو يكون معناه: علا وارتفع شأنه.
فصل في مناسبة هذه الآية لما قبلها
قال القرطبي: كأنه يريد به الاسم الذي افتتح به السُّورة، فقال:«الرحمن» فافتتح بهذا الاسم، فوصف خلق الإنسان والجن، وخلق السموات والأرض وصنعه، وأنه {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن: ٢٩] ووصف تدبيره فيهم، ثم وصف يوم القيامة وأهوالها وصفة النار، ثم ختمها بصفة الجنان، ثم قال في آخر السورة:{تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ ذِي الجلال والإكرام} أي: هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة، كأنه يعلمهم أن هذا كله فرج لكم من رحمتي، فمن رحمتي خلقتكم، وخلقت لكم السماء والأرض، والخليقة، والخلق، والجنة والنَّار، فهذا كله لكم من اسم الرحمن، فمدح اسمه فقال:{تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ} ، ثم قال:{ذِي الجلال والإكرام} أي: جليل في ذاته كريم في أفعاله.
روى الثعلبي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «لِكُلِّ شَيءٍ عروسٌ، وعرُوسُ القرآنِ سُورةُ الرَّحمنِ، جل ذكرهُ» .
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ قَرَأ سُورة الرَّحْمَنِ رحِمَ الله ضعفهُ، وأدَّى شُكْرَ مَا أنْعَمَ اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - عليه» .
والله - سبحانه وتعالى - الموفق الهادي إلى الخيرات، اللهم ارحمنا برحمتك.