ختم له بها، فهذا من أصحاب اليمين، ورجل ابتكر عمره بالذنوب، ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها، فهذا من أصحاب الشمال.
وروي عن كعب قال: هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة.
وقيل: هم أول الناس رواحاً إلى المسجد، وأولهم خروجاً في سبيل الله {أولئك المقربون في جنات النعيم} .
قوله: {فِي جَنَّاتِ النعيم} .
يجوز أن يكون خبراً ثانياً، وأن يكون حالاً من الضمير في «المُقَرَّبُون» ، وأن يكون متعلقاً به، أي: قربوا إلى رحمة الله في جنات النعيم.
ويبعد أن تكون «في» بمعنى «إلى» .
وقرأ طلحة: «في جنَّةٍ» بالإفراد.
وإضافة الجنة إلى النعيم من إضافة المكان إلى ما يكون فيه، كما يقال: «دار الضِّيافة، ودار الدَّعوة، ودار العدل» .
وذكر النعيم هنا معرفاً، وفي آخر السورة منكراً؛ لأن السَّابقين معلومون، فعرفهم باللام المستغرقة لجنسهم، وأما هنا فإنهم غير معروفين لقوله: {إِن كَانَ مِنَ المقربين} [الواقعة: ٨٨] فجعل موضعه غير معروف، أو يقال: إن المذكور هنا جميع السَّابقين، ومنزلتهم أعلى المنازل، فهي معروفة، لأنها لا حدّ فوقها.
وأما باقي المقربين فلكل واحد مرتبة ودرجة، فمنازلهم متفاوتة، فهم في جنات متباينة في المنزلة، لا يجمعها صفة، فلم يعرفها.
قوله: {ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين} .
«ثلّة» خبر مبتدأ مضمر، أي «هم» .
ويجوز أن يكون مبتدأ خبره مضمر، أي منهم ثلّة.
أي: من السابقين، يعني أن التقسيم وقع [بينهم] .
وأن يكون مبتدأ خبره {فِي جَنَّاتِ النعيم} .
أو قوله: {على سُرُرٍ} .
فهذه أربعة أوجه.
و «الثُلّة» : الجماعة من الناس، وقيدها الزمخشري بالكثيرة.