للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[و» أم «في قوله تعالى:» أم الله «متصلهة، والجلالة، عطف على» أنتم «، ولكنه فصل بي المتعاطفين بالمسؤول عنه، وهو أحسن الاستعمالات الثلاثة؛ وذلك أنه يجوز في مثل هذا التركيب ثثة أوجه: تقدم المسؤول عنه نحو قوله:» أأعلم أم الله «، وتوسطه نحو» أأنتم أعلم أم الله «، وتأخيره نحو: أأنتم أم الله أعلم.

وقال أبو البقاء رَحِمَهُ اللهُ تعالى:» أم الله «مبتدأ، والخبر محذوفل أي: أم الله أعلم، و» أم «هنا متصلة، أي: ربكم أعلم، وفيه نظر؛ لأنه إذا قدر له خبراً صناعياً صار جملة، و» أم «المتصلة لا تعطف الجمل، بل المفرد وما فيها معناه. وليس قول أبي البقاء بتفسير معنى، فيغتفر له ذلك، بل تفسير إعراب، والتفصيل في قوله:» أعلم «على سبيل الاستهزاء، وعلى تقدير أن يظن بهم علم، فيكون من الجهلة، وإلا فلا مشاركة، ونظيره قول حسان: [الوافر]

أَتهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ ... شَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ

وقد علم أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ خير الكل] .

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله} .

في» من «من قوله:» مِنَ اللهِ «أربعة أوجه:

أحدها: أنها متعلقة ب» كنتم «، وذلك على حذف مضاف أي: كتم من عباد الله شهادة عنده.

الثاني: أن تتعلق بمحذوف على أنها صفة لشهادة بعد صفة؛ لأن «عنده» صفة لشهادة، وهو ظاهر قول الزمخشري رَحِمَهُ اللهُ، فإنه قال: و «من» في قوله: «شَهَادَةً مِنَ اللهِ» مثلها في قولك: «هذه شهادة مني لفلان» إذا شهدت له، ومثله: {بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ} [التوبة: ١] .

الثالث: أنها في محلّ نصب على الحال من المضمر في «عنده» يعني: من الضمير المرفوع بالظَّرف لوقوعه صفة، ذكره أبو البقاء رَحِمَهُ اللهُ تعالى.

الرابع: أن يتعلّق بذلك المحذوف الذي تعلق به الظرف، وهو «عنده» لوقوعه صفة، والفرق بينه وبين الوجه الثاني أن ذلك له عامل مستقل غير العامل في الظرف.

قال أبو البقاء: ولا يجوز أن تعلق «من» بشهادة لئلاً يفصل بين الصلة والموصول بالصفة يعني: أن «شهادة» مصدر مؤول بحرف مصدري وفعل، فلو عَلّقت «مِنْ» بها لكنت قد فصلت بين ما هو في معنى الموصول، وبين أبعاض الصّلة بأجنبي، وهو الظرف الواقع صفة لشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>