يعني قوله: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحميم فَشَارِبُونَ} .
وهو سؤال حسن، وجوابه مثله.
وأجاب بعضهم عنه بجواب آخر، وهو أن قوله: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم} تفسير للشرب قبله.
ألا ترى أنَّ ما قبله يصلح أن يكون [مثل] شرب الهيم، ومثل شرب غيرها، ففسره بأنه مثل شرب هؤلاء البهائم أو الرمال، وفي ذلك فائدتان:
إحداهما: التنبيه على كثرة شربهم منه.
والثانية: عدم جَدْوى الشرب، وأن المشروب لا ينجع فيهم كما لا ينجع في الهِيْمِ على التفسيرين.
وقال أبو حيَّان: «» والفاء «تقتضي التعقيب في الشربين، وأنهم أولاً لما عطشوا شربُوا من الحميم ظنًّا منهم أنه ليسكن عطشهم، فازدادوا عطشاً بحرارة الحميم، فشربوا بعده شرباً لا يقع بعده ريٌّ أبداً، وهو مثل شرب الهيم، فهما شربان من الحميم لا شرب واحد اختلفت صفتاه فعطف، والمقصود: الصفة، والمشروب منه في {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم} محذوف لفهم المعنى، تقديره: فشاربون منه» انتهى.
قال شهاب الدين: «والظَّاهر أنه شرب واحد، بل الذي يعتقد هذا فقط، وكيف يناسب أن يكون زيادتهم العطش بشربة مقتضية لشربهم منه ثانياً» .
قوله: {اذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدين} .
قرأ العامة: «نُزُلُهُمْ» بضمتين.
وروي عن أبي عمرو من طرق.
وعن نافع وابن محيصن: بضمة وسكون، وهو تخفيف.
و «النُّزُل» : ما يعدّ للضيف.
وقيل: هو أول ما يأكله، فسمي به هذا تهكّماً بمن أعد له.
وهو في المعنى كقول أبي الشعر الضَّبي: [الطويل]
٤٦٩٦ - وكُنَّا إذا الجَبَّارُ أنْزَلَ جَيْشَهُ ... جعلنَا القَنَا والمُرهفاتِ لَهُ نُزْلا