وكرر استهين به، والقرآن يكون إلى آخر الدهر، ولا يزداد إلَاّ عزاً. والقرآن إما ك «الغُفْرَان» ، والمراد به المفعول، وهو المقروء كقوله:[هَذَا خلقُ اللَّه] وإما اسم لما يقرأ ك «القُرْبَان» لما يتقرب به، والحُلْوان لما يحلى به فم الكاهن، وعلى هذا يظهر فساد قول من رد على الفقهاء قولهم في باب الزَّكاة: يعطي شيئاً أعلى مما وجب ويأخذ الجبران أو شيئاً دونه، ويعطي الجبران لأن الجبران مصدر لا يؤخذ ولا يعطى، فيقال له: هو كالقرآن بمعنى المقرُوء.
فمعنى «كريم» أي: مقروء، قرىء: ويقرأ بالفتح، فإن معنى «كريم» أي: لا يهون بكثرة التلاوة، ويبقى أبد الدَّهر كالكلام الغضِّ، والحديث الطَّري.
وهو هنا يقع في وصف القرآن بالحديث، مع أنه قديم يستمد من هذا مدداً، فهو قديم يسمعه السَّامعون كأنه كلام [الساعة] .
فصل
قوله:{فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} . مصون عند الله.
وقيل:«مَكْنُون» محفوظ عن الباطل، والكتاب هنا: كتاب في السَّماء.
قاله ابن عبَّاس.
وقال جابر بن زيد وابن عباس أيضاً: هو اللوح المحفوظ.
وقال عكرمة: التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن.
وقال السدي: الزَّبُور.
وقال قتادة ومجاهد: هو المصحف الذي في أيدينا.
فصل في تفسير معنى الآية
قال ابن الخطيب: قوله تعالى: {فِي كِتَابٍ} يستدعي شيئاً مظروفاً للكتاب وفيه وجهان:
أحدهما: أنه القرآن، أي: هو قرآن في كتاب، كقولك: «فلان رجلٌ كريم في