للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: هذا القدر لا ينافي العموم، ولا يقتضي تخصيصه؛ بل الأقرب أن يكون الكل قد قالوا ذلك؛ لأن الأعداء مجبولون على القدح والطعن، فإذا وجدوا مجالاً لم يتركوا مقالاً] .

قوله تعالى: {مِنَ النَّاسِ} في محلّ نصب على الحال من «السفهاء» والعامل فيها «سيقول» ، وهي حال مبينة، فإن السَّفه كما يوصف به الناس يوصف به غيرهم من الجماد والحيوان، وكما ينسب القول إليهم حقيقة ينسب لغيرهم مجازاً، فرفع المجاز بقوله: «مِنَ النَّاسِ» ذكره ابن عطية وغيره.

قوله: {ما وَلاّهُمْ} «ما» مبتدأ، وهي استفهامية على وجه الاستهزاء والتعجب، والجملة بعدها خبر عنها و {عن قبلتهم} متعلّق ب «ولاّهم» ، ولا بد من حذف مضاف في قوله: «عليها» أي: على توجهها، أو اعتقادها، وجملة الاستفهام في محلّ نصب بالقول والاستعلاء في قوله: «عليها» مجاز، نزَّل مواظبتهم على المُحَافظة عليها منزلة من اسْتَعْلَى على الشيء، والله أعلم.

فصل في الكلام على التولّي

وَلَاّه عنه: صرفه عنه، وولى إليه بخلاف ولّى عنه، ومنه قوله تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] وفي هذا التولّي قولان:

المشهور عند المفسرين: أنه لما حولت القبلة إلى الكعبة عاب الكفار المسلمين، فقالوا: {مَا وَلَاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ} فالضَّمير في قوله: {مَا وَلَاّهُمْ} للرسول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - والمؤمنين والقبلة التي كانوا عليها هي «بيت المقدس» .

واختلفوا في تاريخ تحويل القِبْلَة بعد ذهابه إلى «المدينة» فقال أنس بن مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْه - بعد تسعة أشهر أو عشرة أشهر وقال معاذ: بعد ثلاثة عشر شهراً، وقال قتادة: بعد ستة عشر شهراً.

وعن ابن عباس والبراء بن عازب بعد سبعة عشر شهراً، [وهذا القول أثبت عندنا من سائر الأقوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>