وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: صلى لله ما في السموات من خلق من الملائكة والأرض من شيء فيه روح، أو لا روح فيه.
وقيل: هو تسبيح الدلالة.
وأنكر الزجَّاج هذا وقال: لو كان هذا تسبيح الدلالة، وظهور آثار الصنعة لكانت مفهومة، فلم قال:{ولكن لَاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[الإسراء: ٤٤] .
وإنما التسبيح مقال، واستدل بقوله تعالى:{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجبال يُسَبِّحْنَ}[الأنبياء: ٧٩] ، ولو كان هذا التسبيح تسبيح دلالة، فأي تخصيص لداود؟ .
وقال القرطبي: هذا هو الصحيح.
فصل في الكلام على الفعل سبح
هذا الفعل عدي باللام تارة كهذه السورة، وأخرى بنفسه كقوله تعالى:{وَسَبِّحُوهُ}[الأحزاب: ٤٢] ، وأصله التعدي بنفسه، لأن معنى «سبحته» : بعدته عن السوء، فاللام إما أن تكون مزيدة كهي في نصحت لزيد، ونصحته، وشكرته، وشكرت له؛ إذ يقال: سبحت الله تعالى، قال:{وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}[الأعراف: ٢٠٦] . وإما أن تكون للتعليل، أي: أحدث التسبيح لأجل الله تعالى.
وجاء في بعض الفواتح «سبَّح» بلفظ الماضي، وفي [بعضها] بلفظ المضارع، وذلك إشارة إلى أن هذه الأشياء مسبحة في كل الأوقات، لا يختص بوقت دون وقت، بل هي مسبحة أبداً في الماضي، وستكون مسبحة أبداً في المستقبل.
قوله:{وَهُوَ العزيز الحكيم} .
«العزيز» : الغالب القادر الذي لا ينازعه شيء، وذلك إشارة إلى كمال القدرة.
«الحكيم» : الذي يفعل أفعاله على وفق الحكمة والصواب.