للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الخطيب: وهذا يدلُّ على أن قبُول التَّوبة غير واجب عقلاً على ما يقوله المعتزلة؛ لأنه - تعالى - بين أنه لا يقبل الفدية أصلاً، والتوبة فدية، فتكون الآية دالة على أنَّ التوبة غير مقبولة أصلاً، وإذا كان كذلك لم تكن التوبة واجبة القبول عقلاً.

قوله: {وَلَا مِنَ الذين كَفَرُواْ} .

عطف الكافر على المنافق، والعطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيقتضي أن يكون المنافق كافراً؟ .

وأجيب بأن المراد منه الذين أظهروا الكفر، وإلَاّ فالمنافق كافر.

قوله: {مَأْوَاكُمُ النار} أي: هي مصيركم.

وقوله: {هِيَ مَوْلَاكُمْ} يجوز أن يكون مصدراً أي: ولايتكم، أي: ذات ولايتكم.

قال القرطبي: «تملك أمرهم، بمعنى أن الله - تعالى - يركب فيها الحياة والعقل، فهي تتميز غيظاً على الكُفَّار، ولهذا خوطبت في قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: ٣٠] .

ويجوز أن يكون مكاناً، أي: مكان ولايتكم، وأن يكون بمعنى أولى بكم، كقوله تعالى: {هِيَ مَوْلَاكُمْ} قاله الكلبي، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة» .

قال ابن الخطيب: وهذا الذي قالوه معنى، وليس تفسيراً للفظ، لأنه لو كان «مولى وأولى» بمعنى واحد في اللغة لصحّ استعمال كل واحد منهما مكان الآخر، وكان يجب أن يصحّ أن يقال: هذا أولى فلان، كما يقال: مولى فلان، ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنًى، وليس بتفسير، وإنما نبَّهنا على هذه الدقيقة؛ لأن الشريف المرتضى لما تمسك في إمامة علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فعليٌّ مَولاهُ» قال: أحد معاني «مولى» أنه أولى. واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية، بأن «مولى» معناه «أولى» إذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه؛ لأن ما

<<  <  ج: ص:  >  >>