يعني أنه رجح فصليّته بحذفه في القراءة الأخرى، إذ لو كان مبتدأ لضعف حذفه لا سيما إذا صلح ما بعده أن يكون خبراً لما قبله.
ألا ترى أنك لو قلت: إن زيداً هو القائم يحسن حذف «هو» لصلاحية «القائم» خبراً، وهذا كما قالوا في الصلة: إنه يحذف العائد المرفوع بالابتداء بشروط:
منها: ألَاّ يكون ما بعده صالحاً للصِّلة نحو: «جاء الذي هو في الدَّار، وهو قائم أبوه» لعدم الدلالة.
إلا أن للمنازع أن ينازع أبا عليٍّ ويقول: لا ألتزم تركيب إحدى القراءتين على الأخرى، وكم من قراءتين تغاير معناهما، كقراءتي: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}
[آل عمران: ٣٦] إلا أن توافق القراءتين في معنى واحد أولى، هذا مما لا نزاع فيه.
ومن أثبت «هو» فعلى أن يكون فصلاً، ويجوز أن يكون مبتدأ، و «الغَنِيّ» خبره والجملة خبر «إن» .
قال ابن الخطيب: وقوله «الحميد» كأنه جواب من يقول: إذا كان الله عالماً بأنه يبخل، فلم أعطاه المال؟ .
فأجاب: بأنه محمود حيث فتح أبواب الرحمة مع تقصير العبدِ في الطاعة.
قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبينات} .
يعني المعجزات البينة، والشرائع الظاهرة.
وقيل: الإخلاص لله - تعالى - في العبادة.
{وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب} أي الكتب التي أوحينا إليهم فيها خبر من كان قبلهم.
«والمِيزَانَ» ، قال ابن زيد: هو ما يُوزَنُ به، ويتعامل.
روي أن جبريل - عليه السلام - نزل بالميزان فدفعه إلى نوح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - وقال: مُرْ قَوْمكَ يَزِنُوا بِهِ ليقُومَ النَّاسُ بالقِسْطِ، أي: بالعدل في معاملاتهم.
وقيل: أراد به العدل.
قال القشيري: وإذا حملناه على الميزان المعروف، فالمعنى أنزلنا الكتاب ووضعنا الميزان وهو من باب: [الرجز]
٤٧٢٥ - عَلَفْتُهَا تِبْناً ومَاءً بَارِداً ...