أحدها: والذين من عادتهم أنهم كانوا يقولون هذا القول في الجاهلية، ثمَّ يعودون لمثله في الإسلام.
الثاني: ثم يتداركون ما قالوا؛ لأن المتدارك للأمر عائد إليه، ومنه:«عَادَ غَيْثٌ عَلَى ما أفْسَدَ» أي تداركه بالإصلاح، والمعنى: أن تدارك هذا القول وتلافيه بأن يكفر حتى ترجع حالهما كما كانت قبل الظِّهار.
الثالث: أن يراد بما قالوا ما حرَّموه على أنفسهم بلفظ الظِّهار تنزيلاً للقول منزلة المقول فيه نحو ما ذكر في قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ}[مريم: ٨٠] ، والمعنى: ثم يريد العود للتَّماسِّ. قاله الزمخشري.
وهذا الثالث هو معنى ما روي عن مالك، والحسن، والزهري: ثم يعودون للوطءِ، أي: يعودون لما قالوا: إنهم لا يعودون إليه، فإذا ظاهر ثُمَّ وطىء لزمتِ الكفَّارة عند هؤلاء.
الرابع:«لما قالوا» ، أي: يقولونه ثانياً، فلو قال: أنت عليَّ كظهرِ أمي مرّة واحدة لم يلزمه كفارة؛ لأنه لم يَعُدْ لما قال، وهذا منقول عن بكير بن عبد الله الأشجّ، وأبي حنيفة، وأبي العالية، والفراء في آخرين، وهو مذهب أهل الظَّاهر.
قال ابن العربي: وهذا القول باطل قطعاً؛ لأن قصص المتظاهرين قد رويت، وليس في ذكر الكفارة عليهم ذكر لعود القول منهم، والمعنى أيضاً بنقضه؛ لأن الله - تعالى - وصفه بأنه مُنْكَر من القول وزور، فكيف يقال: إذا أعدت القول المحرّم، والسَّبب المحظور وجبت عليك الكفَّارة، وهذا لا يعقل ألا ترى أنَّ كل سبب يوجب الكفَّارة لا يشترط فيه الإعادة من قتلٍ ووطءٍ في صوم؟ .
الخامس: أن المعنى أن يعزم على إمساكها فلا يطلقها بعد الظِّهار حتى يمضي زمن يمكن أن يطلقها فيه، فهذا هو العودُ لما قال، وهو مذهب الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة أيضاً.
وقال: العود هنا ليس بتكرير القول، بل بمعنى العزم على الوطء.
قال القرطبي: وهذا ينتقض بثلاثة أمور:
أحدها: أنه قال: «ثُمَّ» وهي للتراخي.
الثاني: قوله: «ثم يعُودُون» يقتضي وجود فعل من جهته، ومرور الزمان ليس بفعل منه.