ألا أخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أخْوَفُ عِنْدِي مِنْهُ؟ «قلنا: بلى، يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، قال:» الشِّرْكُ الخَفِيُّ أن يَقُومَ الرَّجلُ يعْمَلُ لمكانِ رَجُل «ذكره الماوردي.
وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم، وينظرون للمؤمنين، ويتغامزون بأعينهم، فقال المؤمنون: لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل، أو مصيبة، أو هزيمة؛ ويسوؤهم ذلك، وكثرت شكواهم إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا، فنزلت الآية.
وقال مقاتل: كان بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وبين اليهود موادعة، فإذا مرَّ بهم رجل من المؤمنين تناجوا بينهم حتى يظنّ المؤمن شرًّا، فيعرج عن طريقه فنهاهم الله - سبحانه - فلم ينتهوا فنزلت.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كان الرجل يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيسأله الحاجة ويناجيه، والأرض يومئذ خرب فيتوهّموا أنه يناجيه في حرب أو بليَّة أو أمر فيفزعون لذلك فنزلت.
قال ابن الخطيب رَحِمَهُ اللَّهُ: والأولى أن تكون نزلت في اليهود؛ لأنه - عَزَّ وَجَلَّ - حكى عنهم، فقال:{وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله} وهذا إنما وقع من اليهود، كانوا إذا سلموا على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قالوا: السَّامُ عليكم، يعنون الموت.
قوله:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} أي: يرجعون إلى المُناجاة التي نهوا عنها.