وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عند ذلك:» إذَا سَلَّمَ عَليْكُمْ أهْلُ الكتابِ، فقُولُوا: علَيْكَ مَا قُلْتَ «، فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله} » .
وروى أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إذَا سَلمَ علَيْكُمْ أهْلُ الكتابِ فقُولُوا: وعَليْكُمْ» بالواو.
فقال بعض العلماء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: إن الواو العاطفة تقتضي التشريك، فيلزم منه أن يدخل معهم فيما دعوا به علينا من الموت، أو من سآمة ديننا وهو الهلاك، يقال: سَئِمَ يَسْأمُ سَآمةً وسَآماً.
وقال بعضهم «الواو» زائدة كما زيدت في قول الشاعر: [الطويل]
٤٧٣٢ - فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى..... ... ... ... ... ... ... ... ... .
أي: لما أجزنا انتحى، فزاد «الواو» .
وقال آخرون: هي للاستئناف، كأنه قال: والسام عليكم، وقال آخرون: هي على بابها من العطف ولا يضرنا ذلك؛ لأنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا كما تقدم في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ل «عائشة» رَضِيَ اللَّهُ عَنْها.
فصل في رد السَّلام على أهل الذمة
اختلفوا في ردّ السَّلام على أهل الذِّمة، فقال ابن عباس والشعبي وقتادة: هو واجب لظاهر الأمْرِ بذلك.
وقال مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: ليس بواجب، فإن رددت فقل: عليك.
وقال بعضهم: نقول في الرد: علاك السَّلام، أي: ارتفع عنك.
وقال بعض المالكية: تقول في الرد: السلام عليك - بكسر السين - يعني الحجارة.
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا} .
هذه الجملة التحضيضية في موضع نصب بالقول، ومعنى الآية: أن اليهود - لعنهم الله - لما كانوا يقولون: السام عليك، ويوهمون أنهم يسلمون، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يرد عليهم بقوله: «عليكم» فإذا خرجوا قالوا: «لولا يعذبنا الله» أي: هلا يعذبنا بما نقول، أي: لو كان نبيًّا لعذبنا الله بما نقول.