وأجيب عن الأول: أن المندوب كما يوصف بأنه خير وأطهر، فكذلك أيضاً يوصف به الواجب.
وعن الثاني: أنه لا يلزم من اتصال الآيتين في التلاوة كونهما متَّصلتين في النزول كما قيل في الآية الدَّالة على وجوب الاعتداد أربعة أشهر وعشراً أنها ناسخة للاعتداد بحول، وإن كان الناسخ متقدماً في التلاوة على المنسوخ. انتهى.
فصل
اختلفوا في مقدار تأخُّر الناسخ عن المنسوخ في هذه الآية، فقال الكلبي رَحِمَهُ اللَّهُ: ما بقي ذلك التكليف إلا ساعة من النهار ثم نسخ.
وقال مقاتل بن حيان: بقي ذلك التكليف عشرة أيام، ثم نسخ لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنه قال: إنَّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا عمل بها أحد بعدي كان لي دينار، فاشتريت به عشرة دراهم، وكلما ناجيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قدمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها.
وروي عن ابن جريج، والكلبي، وعطاء عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - أنَّهم نهوا عن المُناجاة حتى يتصدقوا، فلم يُناج أحد إلَاّ عليٌّ تصدق بدينار، ثم نزلت الرخصة.
وقال ابن عمر: لقد كانت لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - ثلاثة، لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إليَّ من حمر النعم: تزويجه فاطمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - وإعطاؤه الرَّاية يوم «خيبر» ، وآية النجوى.
{ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ} من إمساكها، «وأطْهَرُ» لقلوبكم من المعاصي {فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ} يعني: الفقراء {فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
روى الترمذي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: «لما نزلت {يا أيها الذين