الدنيا «ورضْوَاناً» في الآخرة أي: مرضاة ربهم {وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ} في الجهاد {أولئك هُمُ الصادقون} في فعلهم ذلك.
وروي أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - خطب ب «الجابية» ، فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيَّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومَنْ أراد أن يسأل عن الفقهِ، فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله - تعالى - جعلني له خازناً وقاسماً، ألا وإنِّي بادٍ بأزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فمعطيهنّ، ثم بالمهاجرين الأولين أنا وأصحابي، أخرجنا من «مكة» من ديارنا وأموالنا.
قوله: {أولئك هُمُ الصادقون} .
يعني: أنهم لما هجروا لذَّات الدنيا، وتحملوا شدائدها لأجل الدِّين ظهر صدقهم في دينهم.
قوله تعالى: {والذين تَبَوَّءُو الدار والإيمان مِن قَبْلِهِمْ} .
يجوز في قوله: {والذين تبوّءوا الدار} وجهان:
أحدهما: أنه عطف على «الفقراء» فيكون مجروراً، ويكون من عطف المفردات، ويكون «يحبون» حالاً.
والثاني: أن يكون مبتدأ، خبره «يُحبُّون» ويكون حينئذ من عطف الجمل.
وفي قوله: «والإيمان» . ستة أوجه:
أحدها: أنه ضمن «تَبَوَّءوا» معنى لزموا، فيصح عطف الإيمان عليه، إذ الإيمان لا يتبوأ.
الثاني: أنه منصوب بمقدر، أي: واعتقدوا، أو وألفوا، أو وأحبوا، أو وأخلصوا، كقوله: [الرجز]
٤٧٤٦ - عَلَفْتُهَا تِبْناً ومَاءً بَارِداً..... ... ... ... ... ... ... ...
وقوله: [مجزوء الكامل]
٤٧٤٧ - ... ... ... ... ... ... ... ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَا
الثالث: أنه يتجوّز في الإيمان، فيجعل اختلاطه بهم وثباتهم عليه كالمكان المحيط