الفترة يقال له: برصيصا، قد تعبد في صومعته سبعين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين حتى أعيا إبليس، وذكر خبر برصيصا بتمامه.
قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: فضرب الله ذلك مثلاً للمنافقين مع اليهود، وذلك أن الله - تعالى - أمر نبيه أن يُجلِيَ بني النضير من «المدينة» ، فدس إليهم المنافقون ألَاّ تخرجوا من دياركم، فإن قاتلوكم قاتلنا معكم، وإن أخرجوكم كنا معكم، فحاربوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فخذلهم المنافقون وتبرءوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا العابد.
وقيل: المعنى مثل المنافقين في غدرهم لبني النضير كمثل إبليس إذ قال لكفار قريش: {لَا غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ}[الأنفال: ٤٨] الآية.
وقال مجاهد: المراد بالإنسان ها هنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم.
ومعنى قوله تعالى:{إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكفر} .
أي: أغواه حتى قال: إنِّي كافر، وليس قول الشيطان:{إني أَخَافُ الله رَبَّ العالمين} حقيقة، إنما هو على وجه التبرُّؤ من الإنسان، فهو تأكيد لقوله تعالى:{إِنِّي برياء مِّنكَ} .
وفتح الياء من «إني» نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأسكن الباقون.