أحدها: أنه جمع بريء أيضاً، والأصل كسر الباء، وإنما أبدل من الكسرة ضمَّة ك «رُخَال، ورُبَاب» قاله الزمخشري.
الثاني: أنه جمع «بريء» أيضاً وأصله: «برآء» كالقراءة المشهورة إلَاّ أنه حذف الهمزة الأولى تخفيفاً. قاله أبو البقاء.
الثالث: أنه اسم جمع ل «بريء» نحو: «تؤام، وظؤار» اسمي جمع ل «توأم، وظِئْر» .
وقرأ عيسى أيضاً بفتح الباء وهمزة بعد ألف، كالتي في «الزخرف» ، وصح ذلك لأنه مصدر، والمصدر يقع على الجمع كوقوعه على الواحد.
قال الزمخشري: «والبراء والبراءة كالظماء والظماءة» .
وقال مكي: وأجاز أبو عمرو وعيسى بن عمر: «بِراء» - بكسر الباء - جعلاه ك «كريم وكرام» .
قال القرطبي: هو على وزن «فِعَال» مثل: «قِصَار وقصير» ، و «طِوَال وطويل» و «ظراف وظريف» ويجوز ترك الهمزة حتى تقول برآ وتنون.
وأجاز الفراء: بفتح الباء، ثم قال: «وبراءُ» في الأصل مصدر.
كأنه لم يطلع على أنها قراءة منقولة.
فصل في الاقتداء بسيدنا إبراهيم.
قال القرطبي: «الآية نصّ في الأمر بالاقتداء بإبراهيم - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - في فعله، وذلك يدلّ على أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله» .
قوله: {كَفَرْنَا بِكُمْ} ، أي بما آمنتم به من الأوثان.
وقيل: بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن يكونوا على حق، {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العداوة والبغضآء أَبَداً} أي: هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم حتى تؤمنوا بالله وحده، فحينئذ تنقلب المعاداةُ موالاة.
فإن قيل: ما الفائدة في قوله: {تُؤْمِنُواْ بالله وَحْدَهُ} ، والإيمان إنما هو باللَّهِ وبغيره كقوله: {كُلٌّ آمَنَ بالله وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥] .